تجمعات صغيرة للشباب يتداولون اطراف الحديث.
وحمحمات تتكسر في حناجر البعض ممن تكاد رجلاه تطئ الارض التي وقف عليها ، ربما أمر عظيم وحدث قريب ، ونظرات ترقب بين الفينة والاخرى مركزين اسماعهم عن ماهو جديد آت.
وفي خضم وبركات ذكرى المولود القادم في الخامس عشر من شعبان المبارك ذلك هو ولادة النور الخاتم لمحمد صلى الله عليه وآله الذي سينشر العدل والمساواة ويملأ الارض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.
احدهم يسكت الآخر بالاشارة اليه ايماءاً بيده أن أسمع!!!
صيحات بعيدة جداً وهمهمة تفهم منها بالتكبيرات المتتالية ، حتى بدأت تقترب شيئاً فشيئاً.
اطلاقات نارية ومكبرات صوت واهازيج وتكبيرات أخترقت المسامع ، أيقظت النيام بعبارات غريبة الاطوار.
هرع الشباب يتسابقون وفتحت الابواب والمنازل متسائلين عما حدث وبصمت الشباب الذين عادوا الى منازلهم ليتسلحوا ببنادقهم التي كانت معدة مسبقاً لامر مجهول ، حان قطافها ، نساء ينادين على أبنائهن أين أنت ذاهب؟ مالذي حدث؟ صمت مامنه صمت.
تجمع الغضب الهادر واحتشدت الناس وسط صيحات وتكبيرات الله أكبر ، الله أكبر وليسقط صدام ، وليسقط حزب البعث ، أناس تتراكض وأخرين يطلقون العيارات النارية حتى بدأت المدينة متأججة واندفع الشباب وسط اهازيج وتهليل النساء.
ذلك يوم الولادة الذي ولد به الشعب العراقي عندما انطلقت الانتفاضة الشعبانية المباركة في آذار 1991 متزامنة مع مولود آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومنقذها من طواغيت الزمان ، فكانت مباركة من وليدها رغم ان الاعداد لها كان بعيداً عن القيادات السياسية وانما كان هيجان الشارع العراقي والاحتقان الذي شهده في تلك الفترة.
فرار البعثيين بعباءة النساء كان الشعار الذي رفعة البعث في انتفاضة شعبان المباركة ، وسط عناق الشباب بنشوة النجاح والانتصار على نظام الطاغوت الذي كبت على انفاس الابرياء فكان بالنسبة للجميع يوم ولادة وانطلاقة وتحول ، وبالفعل ومنذ ذلك اليوم الذي انطلقت به تلك الحناجر البريئة بصيحتها ضد اللعين صدام والى ان سقط نظامه في التاسع من نيسان 2003 كانت هناك مواكبة ومواصلة لتلك المسيرة التى قصمت ظهر وطاعون العراق ، فكان حقاً للمنتفضين ان يعتبرونه يوم ولادة.