(( منى وادي شرق مكة، محصور بين سلسلة جبال، بطول يبلغ نحو (4.100) متر، وأقصى عرض (1.700) متر، وأقل عرض لا يزيد عن (400) متر، وبمساحة كلية تبلغ (7.82) كم2، الصالح منها للاستخدام فعليا (4.8) كم2 فقط، أو ما يساوي (4.800.000) متر2، أي ما يعادل 61% من مجمل المساحة، والمتبقي 39% (3.2) كم2، عبارة عن جبال وعرة ترتفع قممها حوالي 500 م عن الوادي. في موسم الحج من كل عام، ولمدة تبلغ أقصاها ستة أيام، يقطن منى ما يزيد عن مليوني حاج، أضافة لغيرهم من العاملين ومقدمين الخدمات المختلفة، ليصل العدد الكلي إلى أكثر من 3 ملايين نسمة. مما يجعل هذا المكان ولفترة معينة هو المكان الأصغر مساحة والأكثر اكتظاظا بالناس في العالم)).
المشكلة ان المسلمون لم يكونوا يستفيقوا بعد من هول المصائب التي تنخر بجسد امتهم، والكوارث التي تنزلت عليهم، حتى منوا بفواجع تترى ومقتل المئات من حجاج بيت الله الحرام هذا العام دهساً بالأقدام، وخنقاً تحت الأجساد، نتيجة التدافع المحموم، والتنظيم غير المبرمج، وعدم الوعي والدراية عند المسؤولين في المملكة، والاستخفاف وغياب الحكمة، أو نتيجة الإهمال وعدم اليقظة، أو قلة الخبرة وضحالة التجربة، أو التساهل وافتقارها المسؤولية، وعدم الأخذ بالأسباب، أو غير ذلك من الموجبات الكثيرة التي قد تفضي عنها نتائج التحقيقات في الحوادث الأليمة التي حلت . وقد كَشفتْ شهاداتُ الحجاجِ الناجين من كارثةِ منى أنّ السلطاتِ السعوديةَ تأخّرتْ في انقاذِهم رغمَ مرورِ ساعاتٍ على وقوعِ الفاجعة، وأكدوا أنّ قواتِ الأمن السعودية أغلقتْ المداخلَ الى مكانِ رميِ الجمرات، وهو ما تَسبَّبَ بازدحامٍ كبير وتَكدُّسِ الحجيج في مكانٍ ضيّق، ثم فُتح منفذ صغير فَجْأةً ليصطدمَ الحجاجُ المحاصرينَ بالحجاجِ الوافدين على الطريق نفسهِ مما سببت الكارثة اثر الاوامر بالعودة الى الطريق الاول مرة اخرى.
لا شك أن المصائب، والأسى كبير، والحزن عظيم، والفواجع قاسية، ولاشك أن الحوادث قد وقعت، ومن كانت منيته المكتوبة ولاعتراض على حكم الله سبحانه وتعالى ، وقدره المحتوم، وخاتمته التي لا مفر منها، وإن كان الحزن يسكن صدورنا ويعتصر قلوبنا، وقد يكون من الصعب نسيان الحادثة، أو تجاهل تداعياتها النفسية الكبيرة، فإنهم أعزة وأحبة، وأهلاً وأقارب، وإخواناً وأشقاء، فإنهم مسلمون، أياً كانت صلتنا بهم وأواصر محبةٍ كبيرة، وقد خرجوا عبادةً ليعودوا، لا ليقتلوا غرباء عن أوطانهم، ويموتوا بعيدين عن أهلهم. مسؤولية الحج فهي عظيمة، وواجبٌ كبير، وامتحانٌ صعبٌ وخطير.لكن المملكة العربية السعودية، وعلى مدى العقود الماضية، أثبتت أنها غير قادرة على خدمة حجاج بيت الله الحرام،وعاجزت عن اداء هذه المهمة المقدسة والحوادث الاخيرة اثبتت تقصيرها وتسببت في هذه الفجائع وما سبقها، في هذه المرحلة العصيبة ولكي تكون المسؤولية شاملة فعلى منظمة مجلس التعاون الاسلامي ان تتحمل العبئ وتشكيل لجنة مختصة لمتابعة الامر ولعدم وقوع مثل هذه الفجائع.وأعتقد وعلى يقين من ان المسلمين بجميع أطيافهم وبمختلف جنسياتهم، قادرين على ايجاد حلولاً لعدم تكرار مثيلتها ، وأن نبتكر وسائل حماية ووقاية، فلو أن كل دولةٍ قدمت نصحها، وأبدت استعدادها للمساهمة والمشاركة في تأمين الحج كل عامٍ، أقله لحجاج بلادهم ، فإننا بإذن الله نستطيع أن نتجاوز هذه الحوادث والمصائب والمحن، ونضمن عدم تكرارها أو غيرها.مستقبلاً لان التاريخ سيسجل فاجعة منى وابعادها في سجل اخفاقات آل سعود، و ستشكل محطة اختبار للحكومات الاسلامية التي يستوجب منها التحرك لإنهاء هذه المآسي لتخلد اسمها في تاريخ العالم الاسلامي. كما ان منظمة التعاون الاسلامي واتحاد البرلمانات الاسلامية والامم المتحدة مكلفة بالتحرك لإنهاء آلآم العالم الاسلامي من خلال مواقف صارمة يتخذونها للحفاظ على كرامة المسلمين ولعدم تشويه التاريخ الاسلامي
عقل الانسان المسلم يجب ان يخرج من أسر الرتابة في اجترار المتوارث من الأفكار إلى فضاءات التفكير الحر والواعي ، والابتعاد عن عناء المقامرة بالأرواح والأنفس البريئة، فلا يجوز أن تظل رحلة الحجيج محاطة بكل هذا القلق والاحتباس النفسي