عاجل:
مقالات 2009-12-28 03:00 539 0

مسؤولية الجميع

كلما تقع كارثة دموية ترتفع الاصوات منتقدة المالكي وتبدأ بإلقاء اللائمة عليه وتحميله المسؤولية بإعتباره القائد العام للقوات

كلما تقع كارثة دموية ترتفع الاصوات منتقدة المالكي وتبدأ بإلقاء اللائمة عليه وتحميله المسؤولية بإعتباره القائد العام للقوات المسلحة وبالطبع من حقها ان تنتقد بصدق وان تعترض على أداء القوات المسلحة وقائدها العام وهي ترى الانفجارات تحصد ارواح المئات من الابرياء دون ان تستطيع الاجهزة الامنية وقفها, لكن الانصاف يلزمنا القول أن المسؤولية تقع على عاتق جميع القوى السياسية المشاركة بعضوية مجلس الوزراء ناهيك عن مجلس النواب وليس المالكي وحده ولا أريد هنا تجريده من المسؤولية او تبرئة ساحته.

 فبحسب الدستور العراقي فإن من صلاحيات مجلس الوزراء هو الاشراف على عمل الوزرات والجهات غير المرتبطة بوزارة كما نصت على ذلك المادة (80) منه, وهنا لابد من التذكير بأن المالكي ليس رئيسا للوزراء اذ لا يوجد في الدستور العراقي منصب رئيس الوزراء بل هو رئيس لمجلس الوزراء الذي تشترك بعضويته العديد من الكتل البرلمانية والفرق بين الاثنين كبير, فإصطلاح رئيس الوزراء يختلف بمدلوله الدستوري والقانوني عن اصطلاح رئيس مجلس الوزراء, فالاول يترتب عليه وقوع المسؤولية كاملة وحصريا على شخص رئيس الوزراء اما الاصطلاح الثاني فيعني ان المسؤولية تضامنية اي تتوزع بين رئيس مجلس الوزراء واعضاء المجلس وهذا ما نصت عليه المادة (83) من الدستور بالقول( تكون مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء امام مجلس النواب تضامنية وشخصية). 

ولا يخفى على الجميع ان اعضاء مجلس الوزراء تم اختيارهم وفقا للمحاصصة التي قامت عليها العملية السياسية وان الوزير يرجع في نهاية المطاف الى كتلته التي توجهه وفقا لمصالحها فإذا كانت كتلة الوزيرعلى وئام مع المالكي وجهت وزيرها بالتعاون معه, واذا كانت على خصام معه امرت وزيرها بعدم التعاون ان لم توجهه بتعويق عمل المالكي, والكل يتذكر موقف احدى الكتل البرلمانية التي قررت الانسحاب من حكومة المالكي للضغط عليه وفعلا انسحب كل وزراؤها الا واحدا ولم يعودوا الا بعد صفقة, ومن هذا الموقف وغيره يتبين حال المالكي مع اعضاء مجلسه الموقر, فالرجل غير مبسوط اليد في اختيار الوزراء ولا في توجيههم وبالتالي فإن اي تعثر في اداء حكومته لايتحمله لوحده بل تتحمله الكتل المشتركة معه في العملية السياسية وربما هذا هو السبب الذي جعله يعتمد في إدارة شؤون الدولة على مستشاريه والذين جُلهم من حزبه أكثر من اعتماده على وزراء مجلسه حتى قيل عن حكومته انها حكومة مستشارين وبالتالي يُسجل عليه ميله للانفراد بإتخاذ القرارات وكذلك بوضع سياسات حكومته بعيدا حتى عن كتلته التي رشحته لهذا المنصب, ولو كان المالكي اشركهم في تيسير امور الدولة لبرأت ساحته.

 وفي هذا الصدد أيضا يُشار الى واحدة من المؤاخذات على سياسة المالكي الامنية وهي عدم إشراكه للكفاءات الامنية التي استطاعت ان تواجه النظام البائد ونجحت في تحقيق اختراقات في منظومته البوليسية, والمالكي يعرف الكثير من هذه الكفاءات التي كانت تناضل معه يوم كان في المعارضة حيث يرى بعض الوطنيين أنه كان بأمكان السيد المالكي ان ينيط بهؤلاء مهمة الملف الامني بدلا من الاعتماد بشكل كلي على  أناس مشكوك في ولائهم للنظام السياسي الجديد ويسشتهد هؤلاء بتجربة كوردستان حيث اعتمدت القيادة الكوردية على رجال البيشمركة في تحقيق الامن في ربوع كوردستان ولم تعتمد على بقايا الضباط الكورد الذين خدموا النظام البائد او يسلموهم قيادة الاجهزة الامنية كما حدث في بغداد.

 تذكرني سياسة السيد المالكي هذه بأحد العباسيين عندما سُئل لماذا فقدتم ملككم فأجاب ( أبعدنا الاصدقاء أمانا منهم, وقربنا الاعداء خوفا منهم, فلا الاصدقاء اعانونا ولا الاعداء نصرونا). اتمنى صادقا أن يلتفت  دولته الى هذا الامر ويعمل على تصحيحه وان ينفتح على المخلصين والمحبين لا سيما واننا جميعا في زورق واحد تحيط به الامواج العاتية من كل حدب وصوب ويحيط بنا الاعداء وما أكثرهم.

التعليق

آخر الاخبار