عاجل:
مقالات 2009-10-29 03:00 564 0

مركزية السلطة العربية...وهامش المعرفة

للصراع أي كان أياً كانت أسبابه ومبرراته ،عوامله الخاصة الكفيلة بديمومته واستمرار عجلته بالدوران،ولعل السبب الرئيسي الكامن

للصراع أي كان أياً كانت أسبابه ومبرراته ،عوامله الخاصة الكفيلة بديمومته  واستمرار عجلته بالدوران،ولعل السبب الرئيسي الكامن وراء هذه الصراعات وهو عامل التزاحم الناتج عن الحركة الكونية المتواصلة  والتشكل المستمر لها، و الأمثلة على الصراعات متعددة وحاضرة ابتدءاًً من أسهل هذه الصراعات تعقيداً (الفردية )وانتهاءً بالصراعات الكونية (الدولية ) الأكثر تعقيداً، ولكي نهتم بجانب معين نحاول إن نفهم طبيعة الصراع المحتدم بين السلطة السياسية من جهة والسلطة المعرفية "إن جاز هذا التعبير "من  جهة أخرى ،فالسلطة السياسية(ممثلة بالجماعة  الحاكمة او الفرد)  لها مشروعها الذي تحاول دائماً وابدأ إن تمرره ،  وان تستمر في السيطرة على الأمور  دون اعتراضات تذكر وهي بذلك تمارس شتى الوسائل المتاحة لها والتي يمكن استخدامها للاستمرار في احتكار امتيازات السلطة لوحدها دونما مشاركة حقيقية من الشعب  ،وتستفاد السلطة من أدواتها المعروفة والتي تحكم السيطرة عليها (المال –العنف)،لقمع أي منافس أخر قد يوازي نفوذها أو يهدد وجودها  ،ولذا فهي تعيش حالة من الحراك المتواصل لتعزيز تواجدها وملئ اكبر مساحة ممكنة من الواقع ،لكي تقلص الفجوات التي قد تتشكل نتيجة غيابها ،ومن الطبيعي إن هذا الزحف المتواصل للخطاب السلطوي سيكون على حساب خطابات أخرى ،وهنا يبدأ عامل التزاحم بلعب دور مؤثر  في إيقاع التصادم المحتمل وتأجيج الصراع الكامن،ولعل أكثر المتحسسين لخطر هذه الإزاحة القسرية التي تمارسها السلطة هو الخطاب المعرفي(النخبة المعرفية كتاب ،شعراء ،أكاديميين ،تقنيين ..) الذي يحاول جاهداً التصدي بالوسائل المتاحة إمامه للحفاظ على مساحة تواجده على الأقل ،وهنا يقع صراع غير متكافئ بين الخطابين المتناقضين فالسلطة لها أيدلوجيتها التي تتحرك هي  حسب معطياتها والمعرفة لها ايدولوجية خاصة مختلفة ،ولكن هذا الصراع سيكون محسوم مؤقتاً لصالح الخطاب الأول لامتلاكه لوسائل القهر (المال- العنف) وانهزام قد يكون مبرراً للخطاب الأخر لافتقاره الى تلك الوسائل ،وعلى الرغم من تحقيق السلطة لأهدافها الى أنها تشعر بحاجة مستمرة الى مشروعية لدعم تواجدها من الخطاب الأخر وكذلك الحد من فاعليته ،فتقوم بعملية احتواءه وترويضه من خلال اختراق هذا الوسط وخلق  ضد نوعي فيه يعمل لصالح مشروعها  ويروج له ويبرر لاستمراره ،وتستخدم المال كوسيلة لسحق كيان الخطاب الأخر وإضعاف سلطته واستلابه من خلال ربطه بمنظومتها وجعله بحاجة دائمة  إليها ،وعندئذ تستطيع الحصول على دعم هذا الخطاب لها ولمشروعها اللامشروع ،وفي مجتمعات غير محصنة معرفياً وقابلة "للتدجين " مثل مجتمعاتنا نلاحظ إن مهمة السلطة أسهل لتدني الوعي المعرفي الجماهيري الذي سببه ُعدم قدرة النخبة  المعرفية –الثقافية على ممارسة دورها المطلوب جماهيرياً وعدم تفاعلها مع الشعوب وقضاياها ،بل  ونلاحظ إن المعرفي في عالمنا العربي كثيراً ما يصطف الى جانب السلطوي وينساق ضمن مشروعه القمعي ، ويندمج طوعيا ضمن أطره  ويدور في فلكه ويروج لهُ بدافع الإرضاء أو حتى بدافع الاتقاء، بدلاً من اصطفافه الى جانب قضايا إنسانية تعيشها الأمة نتيجة لأخطاء السلطة وتعديها المتواصل  على حقوق الشعوب وهذه إشكالية واضحة وسؤال مهم مفاده هل تحصن المعرفة صاحبها وتمنعه من استخدامها باتجاه تحقيق مكاسبه الذاتية على حساب القيم الإنسانية  ،إن نجاح عمليات الترويض السلطوي سواءا بالمال أو العنف في السيطرة على الخطاب المعرفي ساهم كثيراً في عدم تعويل الفرد العربي على فاعلية هذا الخطاب في التصدي لتحديات متواصلة تواجهه على كل الأصعدة ،بل اعتبره شريكاً أساسياً للسلطة وأفعالها ومايمكن إن يترتب عليه من جراء  تعسف السلطة وعنجهيتها ،وعودا على بدء ولنجب على سؤال خطير بات يطرح،وهو ماذا بإمكان هامش ضعيف ومختل التوازن داخليا ومستلب إن يقدم لأمة تعيش أزمات خانقة من سلطات غير شرعية لاتؤمن بالإصلاح والديمقراطية  كمنهج ولا تتبنى الفرد كركيزة أساسية في البناء،ولذا فان توصيف وجود صراع بين السلطة والمعرفة في مثل هذه المجتمعات توصيف خاطئ ،بل إن هناك مركزية للسلطة السياسية وهامش تابع لها يسمى عبثاً الخطاب المعرفي العربي.

التعليق