عاجل:
مقالات 2010-02-04 03:00 410 0

مبادئ نهضة الإمام الحسين (ع) هي التي حفظت الإسلام من التحريف الجاهلي ج 6

من المصادر المهمة والأساسية في أستنباط الحكم الشرعي عند جميع المسلمين هي كتاب الله تعالى , وسنة الرسول صلى الله

 

من المصادر المهمة والأساسية في أستنباط الحكم الشرعي عند جميع  المسلمين  هي كتاب الله تعالى , وسنة  الرسول صلى الله عليه وآله ,  والعقل . ويأتي الحديث  الشريف  للرسول المعصوم في سياق وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى , وما آتاكم الرسول فخذوه  وما نهاكم عنه فانتهوا . ومن الأحاديث الشريفة والمهمة التي جاء ذكرها في عدة  مصادر عند المسلمين  سنة  وشيعة  هما  : ( الحسن والحسين إمامان  قاما أو قعدا  )*1 ,  حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ).*2 , ويقعان ضمن منظومة متكاملة تتضمن سلسلة من الأحاديث النبوية الشريفة  و جملة من الآيات القرآنية المباركة  التي تأتي في سياق  توجيه الأمة  بالشكل الذي يجمع وحدة كلمتها ويعصمها من الفرقة والتشتت فيما بعد ,  وذلك بواسطة  اللطف والتسديد الإلهي في إختيار وتعيين النخبة الكفوءة من القادة المسلمين الذين سوف يأتون بعد الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم  .

 

فحديث  الرسول الأعظم (ص) حسين مني وأنا من حسين  هو بمثابة  الوحي الإلهي والشعار الخالد  والتحذير الذي  أطلقه  في وجه وضمير الأمة ومستقبلها , ولم يكن إعتباطا منه ولم يأتي من باب أستدرار مشاعر الحب والعواطف من المسلمين له ولأهل بيته , بل هو جاء ليؤسس لها منهجاً رسالياً صحيا ومعافى عن طريق الحب الواعي لأهل بيته الأطهار والتعلق بهم من خلال إتباعهم وسلوك منهجهم والتأسي بهم ,  ليضمن بذلك للأمة البقاء والأستمرار في نهج الصراط المستقيم , ويعصمها من التفرق والتشتت والأنسياق أو الانجرار وراء الأهواء الضالة والفتن المظلمة و المحيرة للمسلمين في المستقبل القريب والبعيد , ويُجنبهم  من الوقوع  في شراك و أسر التأويلات الفاسدة والأفكار المنحرفة  التي يتبناها وعاظ السلاطين ,  الذين  طوعوا وجيروا تعاليم الإسلام بما فيه من التفاسير المضللة والتأويلات الخاطئة  لكتاب الله  , ووضعهم للمئات من الأحاديث الكاذبة والمزيفة ولما تقتضيه مصلحة الحاكم الجائر و الخليفة الظالم الذي يستعبد الناس باسم الإسلام , وليس كما يريده الله تعالى منهم وكما  تقتضيه مصلحة الأمة والعباد  !

وهذا يعني بصريح العبارة إن الله تبارك وتعالى الذي هو عالم الغيب والشهادة أراد أن يقول للمسلمين على لسان نبيه الأكرم محمد (ص) في الحديثين النبويين الشريفين أعلاه :

يا أيها الناس إني أعلم بما سيقع في مستقبل أمتكم الإسلامية  وسوف يتقلد زمام أمور المسلمين حفنة من الحكام  الظلمة والفاسدين الذبن يتلبسون بلباس الدين  والدين  منهم براء , وهم الفئة الباغية التي  ستقترف الجرائم الكبرى  بالإعتداء على حرمات الإسلام والمسلمين وسفك دمائهم بغير حق , وسوف تُسَود  جرائمهم  صفحات التاريخ بالخزي والعار والشنار وذلك في تجرئهم الفاضح  وأعتدائهم الإجرامي  الاثيم  على الله  ورسوله وأهل بيته الأطهار وقتلهم سبط الرسول الإمام الحسين وأهل بيته وسبي عياله في واقعة الطف في كربلاء ظلما وعدوانا , ومن بعدها تقوم هذه الفئة الباغية  بمحاصرة مدينة الرسول  وقتل المئات من المسلمين منهم الأنصار والمهاجرين من صحابة رسول الله  وهتك أعراض المسلمين وأستعبادهم  , ومحاصرة  وضرب مكة المكرمة بالمنجنيق وهدم وحرق قبلة المسلمين الكعبة المشرفة  !

 ومن هنا  أوحى الله  تعالى وأمر نبيه الأكرم (ص) بهذه الحديث لكي لايشتبه الناس  بشخصية ونهضة الأمام الحسين (ع) , ويقول لهم  بأن الحسين هو شخص مني  وحامل عني  رسالة الإسلام  وإنه نسخة من الإسلام الأصيل الذي  أريده  لكم  , ((الحسين مني )) وهو سائرٌ على نهجي القويم  والصراط المستقيم في الإسلام ! ولم يكتفي الله سبحانه وتعالى  في وحيه  للرسول الأعظم بأن يبلغ ألناس فقط بأن الحسين منهُ , بل ليبلغَهم هو أيضا من الحسين (( وأنا من حسين )) ! وهذا يعني أن الرسول الأعظم محمد (ص) هو  من  و  مع  النهضة والراية التي سيرفعها الإمام  الحسين (ع) في وجه الحكام  الطغاة  فيما بعد ! .

إذا لا فرق بين أن نقول بأن الإسلام نشأَ محمديا وصار بعدها محمديا حسينيا , فالحسين مني وأنا من حسين , أو كما قيل إن الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء . فالراية التي رفعها الإمام الحسين في نهضته هي راية الرسول الأعظم محمد (ص) وهذه جاءت عن شهادة الله تعالى فيما يتضمنه حديث  حسين مني وأنا من حسين  وليس هناك مكان لتأويل أو تحريف هذه الحديث عن مضمونه الصحيح !

فالتضحية العظمى للإمام الحسين بنفسه وأهل بيته وصحبه الكرام من أجل الحفاظ على الإسلام والمبادئ هي التي فضحت المحاولات الخبيثة لأعداء الإسلام  لتشوية وضرب الإسلام في الصميم الى الحد الذي لا يبقى منه إلا إسمه ورسمه  كما حدث للأديان  السماوية السابقة الأخرى  والتي حُرفت  الى الحد الذي لم يبقى من تعاليمها الصحيحة ومبادئها الحقيقية  إلا ما ندر منه الشئ القليل , وبعكس الدين الإسلامي التي بقيت الكثير من  مبادئه و تعاليمه  الرئيسية والمهمة صامدة بوجه محاولات  التحريف والى يومنا هذا , فجميع المسلمين وبكل طوائفهم ومدارسهم الفكرية المتعددة ورغم وجود الكثير من الإختلافات والتناقضات فيما بينها , إلا إنهم  لم  يختلفوا  في إن  الله تعالى واحد وإن كتابهم واحد هو القرآن المجيد  ونبيهم واحد  وهو الرسول الأعظم محمد إبن عبد الله  صلى الله عليه وآله وسلم  , وقبلتهم هي الكعبة المشرفة ,  وجميع المسلمين بسنتهم وشيعتهم وعلى إختلاف مشاربهم ومذاهبهم وطوائفهم ( ما عدا النواصب الضالين والمُضلين )*3  يحبون أهل بيت نبيهم الذين فرض الله تعالى طاعتهم ومودتهم على جميع المسلمين لأنه طهرهم من الرجس والذنوب والمعاصي  تطهيرا ,  و كما قال تعالى  في كتابه المجيد  في آية المودة : ( قل لا أسألكم علية أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور ) ..... وفي آية التطهير ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .

فسلام على أبي الأحرار و سيد الشهداء الإمام الحسين وعلى الذين أستشهدوا معه من  أهل بيته وأصحابه الأبرار ,  وسلام على من إتبعهم وأحيا ذكرهم  في كل زمان ومكان لتبقى ثورة ونهضة الإمام  الحسين وتضحيته الخالدة في طف كربلاء شعارا خالدا ورمزا لإنتصار الدم على السيف ,  ومدرسة للأحرار ليستلهموا منها الدروس والعبر في مقارعة الظلم والطغيان والجهاد في سبيل الله والمبادئ مهما بلغ حجم التضحيات والإيثار والجود بالنفس والولد والمال , وليبقى شعار الإمام  الحسين في كربلاء هيهات من الذلة  وإني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما , صرخةً مدوية في وجه الطغاة والظالمين في كل زمان ومكان , الى أن يرث الأرض عباد الله الصالحون  وذلك بظهور الإمام المهدي المنتظر أرواحنا له الفدى والذي  سوف يحمل راية جده الإمام الحسين (ع) الإسلامية الأصيلة  ليقود أعظم دولة إسلامية في العالم ويحقق حلم الأنبياء ليسود الأرض العدل والمساواة بين جميع أبناء البشر وتمتلئ الأرض عدلا وقسطا  بعد أن إمتلأت ظلما وجورا وسوف يحرر جميع الأراضي والمقدسات الإسلامية المغتصبة وعلى رأسها أولى القبلتين وثالث الحرمين القدس الشريف بأذن الله تعالى والعاقبة للمتقين .   

 

*1  كفاية الأثر/117، دعائم الإسلام:1/37 , كشف الغمة:1/533 ، روضة الواعظين/156، الفصول المختارة للشريف المرتضى/303 ، الإرشاد:2/30 ، المسائل الجارودية/35 ، فضائل أمير المؤمنين عليه السلام لابن عقدة/168، الطرائف لابن طاووس/196، مجمع البيان:/311 ومناقب آل أبي طالب:3/163، وقال: أجمع عليه أهل القبلة .  وكما روته مصادر من أهل السنة   الصديق القنوجي في السراج الوهاج في شرح صحيح مسلم في باب المناقب ,  الصفوري في نزهة المجالس:2/184 ، الصواعق المحرقة:2/560، وذخائر العقبى:1/129، نهاية ابن كثير:8/35 ، ابن ماجة:1/44،.المستدرك:3/18، الطبراني في الكبير:3/39 ، و:19/292، والزوائد:9/183،  مصباح الزجاجة:1/20، مرقاة المفاتيح:11/314، تاريخ بغداد: 1/140، تاريخ دمشق:13/209، شرح مشكل الآثار:12/519 ، وكشف الخفاء:1/34 ،

*2 أخرجه البخاري في الأدب من صحيحه ورواه في التاريخ الكبير : ج4 قسم 2 صفحة 415 ، مسند الإمام أحمد : 4 | 172  ، صحيح الترمذي 2/307 في مناقب الحسن والحسين (ع) ، صحيح ابن ماجة في باب من فضائل اصحاب الرسول (ص) . كنز العمال 6/221 و7/107 . المستدرك على الصحيحين : 3 | 177

*3  وهو مصطلح  يُطلق على كل من ناصب البغض والعداء الى الأمام علي(ع) وآل بيت النبي محمد (ص) كفرقة الخوارج  الذين كفّروا  وحاربوا وقتلو الأمام علي في مسجد الكوفة في العراق  , وكذلك  تُطلق  على معاوية ابن ابي سفيان وأتباعه من الأمويين وغيرهم  والذين حاربوا الإمام علي (ع) وقتلوا أبنه الإمام الحسين(ع) ومن معه من  أهل بيته  في واقعة كربلاء يوم العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة ,  وبعدها  أمرَ معاوية  الناس  بسب وشتم الإمام علي عليه السلام على المنابر , كما ذكرته المصادر التالية ( صحيح مسلم ج2 ص 360 ,  صحيح الترمذي ج5 ص 301 : قال رسول الله ص : ( من سب علياًّ فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله على منخريه في النار  , ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 205 ط اسلامبول ,

 

التعليق