عاجل:
مقالات 2009-06-14 03:00 693 0

ما وعده المطلعون .. اغتيالات وقتل وارهاب

مازلت اكذب كل الاخبار والتقارير الامنية التي تطلقها الحكومة على لسان مسؤوليها في وزارتي الدفاع والداخلية، بان الاوضاع الامنية

مازلت اكذب كل الاخبار والتقارير الامنية التي تطلقها الحكومة على لسان مسؤوليها في وزارتي الدفاع والداخلية، بان الاوضاع الامنية جيدة و(عال العال).
وعلى الرغم من التحسن الامني الذي جاء نتيجة مقدمات وصفقات سياسية غير معلنة.. الا انه لايتعدى الاستقرار وانما الهدوء الذي يسبق العاصفة دوما.
مظهر الجثث مجهولة الهوية عاد مجددا إلى شوارعنا في الدورة وابو دشير والبياع والميكانيك والعامرية والغزالية... ومايشهد به الطب العدلي في الاونة الاخيرة خير دليل على ذلك.
الوضع الامني في العراق لم يستقر ولن يشهد الاستقرار مطلقا، ان لم تكن هناك قوة امنية مخابراتية مقتدرة على مسك زمام الامور، وما تحاول به الحكومة عبر وزاراتها الامنية من اثبات حقيقة لاوجود لها على ارض الواقع، هو خداع لنفسها قبل غيرها.. فهي لاتملك إلى يومنا هذا قوة امنية تكنلوجية ساندة لجحافلها البشرية التي وصلت إلى نصف مليون مسلح مابين جيش وشرطة وحمايات خاصة. فلا وجود لطائرات قتالية ولا لزوارق بحرية ولا لدروع متطورة، ولا حتى لاسلحة فتاكة وتقنية حديثة تستطيع به مواجهة عصابات الخطف والجريمة المنظمة.
ومايزيد الامر خطورة هو عدم قدرة الحكومة على تحسين علاقاتها الاقليمية مع الدول الساندة لجماعات الارهاب والقتل في العراق.. فالسعودية والكويت وسوريا والاردن مازالت ممرات سهلة لمجاميع القتل والارهاب من الاجساد النتنة والاساليب القذرة.
عجز الحكومة الدبلوماسي مع تلك الدول، زاد الطين بلة، وعرض العباد والبلاد إلى مهالك ليس لها اخر، اذا ما استمرت وتيرة النزاعات الداخلية إلى ماعليه اليوم. فوجود أحزاب ضالعة في الحكومة ومرتبطة ايدلوجيا مع اجندة اقليمية راغبة بان يبقى العراق مستنقعا للعنف والارهاب في المنطقة، هو المشكل الرئيس وراء مانشهده من خروقات امنية مضطربة. فما صرح به دولة رئيس الوزراء عقب الحادث الاجرامي الذي حدث في الناصرية / ناحية البطحاء، اثار الكثير من الهواجس تجاه الوضع الامني، في تفسيره ـ المثير للجدل ـ للحادث بانه رسالة سياسية لم يسم الجهة التي ترغب بايصالها إلى الحكومة.
التوتر الامني الذي يحدث بين الفينة والاخرى، لابد من الافصاح عن مسبباته، فهي اما ان تكون سياسية ناتجة عن خلافات عقيمة ومستديمة داخل المنظومة السياسية العراقية، واما ان تكون بسبب عجز الوزارات الامنية من اداء مهامها بالشكل الصحيح، وفي كلتا الحالتين يجب على الحكومة ان تصارح الشعب، وتسعى لوضع الحلول الجذرية للتخلص منها، لاسيما وهي المنجز الوحيد الذي تستطيع من خلاله حفظ ماء وجهها امام الشعب والتاريخ، بعد ما عجزت عن الاصلاح الاقتصادي في البلاد.
قراءة بسيطة في تصريحات المعنيين بالشأن الامني، يجد الفارق كبيرا بين ما يكشف عنه ومانشهده على ارض الواقع، فالكلام عن مسك زمام الامور وبسط الامن في ربوع المدن والاقضية، ومقارعة الارهابيين في اوكارهم، وهزيمة قوى الشر والضلالة.. هو كلام عار عن الصحة، فهل ياترى بامكان أي مواطن من اهل الشعلة ان يتجول في الغزالية التي تبعد عليه بضع امتار.... وكذلك الحال عند شباب ابو دشير في ان يزوروا رفاق دربهم ـ سابقا ـ في محلة المهدية في الدورة... يضاف ذلك في عامرية الفلوجة والبياع وغيرها من مدن بغداد التي اشتعلت بلهيب الحرب الاهلية المقيتة.
الحال ينطبق في ديالى والموصل وصلاح الدين، فهي مازالت حواضن للارهاب ومجاميع قطع الرؤوس، وكل التوقعات التي تشير إلى احتمالية العودة بالعراق إلى خانة الاقتتال الطائفي، تستند على تلك المعطيات الجغرافية.
لماذا تترك بؤر الارهاب هكذا (على حل شعرها) يسرح بها القتلة واللصوص وامراء الحرب الاهلية.. لتأتي الحكومة تؤكد على لسان رئيس دولتها بان هناك من يلعب على اوج الفتنة الطائفية..؟؟.
احد المسؤولين في وزارة الداخلية ، ـ والذي حلفني بالغالي والنفيس ان لا اشير إلى اسمه ـ حين سألته عن السبب وراء ابقاء مناطق متوترة طائفيا في بغداد، اجابني بالحرف الواحد: ( أنها اوراق ضغط تمارسها امريكا على الأحزاب الاسلامية في العراق).
لم اصدق هذا التحليل، على اعتبار ان الأحزاب الاسلامية قد تستفيد من تأجيج الوضع الطائفي كي تحشد مؤيدها ضد الطرف الاخر، ولكن حين التأمل في التحركات الامنية التي تأتي خلافا لما تريد به تلك الأحزاب الاسلامية (سنة وشيعة) من تحسين وجهة نظر الشعب تجاهها، وما تسعى اليه من ابرام تحالفات مقابلة للتوجه الليبرالي والعلماني (المدعوم غربيا ) في البلاد، ومايقتضيه من توحيد للجهود، ومنع أي مظهر يسىء اليها ويحاول ان يحملها ضريبة الاقتتال الداخلي.. غيرت وجهة نظري وبدأت افكر في ذلك الكلام.
بداية الانسحاب الامريكي، وقرب الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسوء العلاقات مع السعودية واغلب دول الخليج، وعدم تطبيق قانون الأحزاب.. كلها مقدمات داعمة لاثارة النعرة الطائفية مجددا، وتهديد البلد بحرب اهلية ـ لاسمح الله ـ اذا لم تلجأ الأحزاب الاسلامية إلى صناعة قرار موحد يسهم في القضاء على سياسة العزل الطائفي لمدن بغداد، والتي طبقها صدام في حقبته المظلمة، وما لحقها من استثمار امريكي في ابقاء العراق تحت طائلة رحمة البيت الابيض، الذي يتحكم بادارته الصهيونية في قلب الاوضاع الامنية بالعراق كيفما تشاء المصلحة الخاصة في ذلك.

التعليق