عاجل:
مقالات 2009-10-27 03:00 674 0

لقد عشِقتُ آل الصدر.. السيد الشهيد محمد بن محمد صادق الصدر قدس سره عالماً ومفكراً وثائراً

أن نبكي على مصائب أئمة أهل البيت عليهم السلام، وعلى ماجرى لهم في كربلاء وغير كربلاء فهو أمر ليس بغريب، ولكني وجدت

أن نبكي على مصائب أئمة أهل البيت عليهم السلام، وعلى ماجرى لهم في كربلاء وغير كربلاء فهو أمر ليس بغريب، ولكني وجدت نفسي تجهش بالبكاء عند ذكر شخصيتين مهمتين، أبكي عند دخولي مرقد حضرة المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي كلما دخلت لزيارته في الكوفة وأقتربت من مرقده الشريف أنهمرت الدموع من عيناي وأجهشت نفسي بالبكاء وماذلك إلاّ لإكباري الشديد لمواقفه العظيم تجاه أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وبعد أن أخذ بثارات الإمام الحسين عليه السلام وبعد أن أثْلَجَ صدر الإمام  علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وصدور كافة آل هاشم وكافة المحبين لهم.
والبكاء عند قبر المختار رحمه الله هو بكاء المحبين والمسرورين بعمله البطولي المشرف والذي لاشك فيه،  فيه مرضاة لله ورسوله  ذلك الرجل الذي حقق الإنتقام العادل من الظالمين وليكون صرخة مدوية لاتنسى في ضمير الأحرار.
ولاأنسى أن لي موقفا آخر أبكي فيه السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليها وعلى أبيها السلام، ففي اللحظة التي أدخل عند حضرتها الشريفة أتذكر مشهد هذه الطفلة ومقتل أبيها وأتذكر كيف ماتت من شدة مارأت من هول المصيبة لتكون شهيدة وشاهدة على ماأرتكبته عصابة بني أمية في حق الفئة المؤمنة التي تذكرنا بأصحاب الأخدود. 
والشخصية الثانية التي أبكتني بحرارة هي شخصية الشهيد الصدرالثاني قدس سره فقد بكيته منذ اللحظة الاولى عند سماعي خبر استشهاده فلاأدري مالذي حدث لي فلقد وجدت نفسي تنفجر بالبكاء من دون توقف،  ولقد لازمتني تلك الحالة فترة طويلة،  وقد يكون السر في ذلك أمور منها أنه أستُشهِد واقفا وقوف الابطال،  وهو يتوجه الى المحراب يصلي مع أبناءه وطائفة من المؤمنين ممن معه..  وألامر الثاني شدة الخبر الذي صُعِقَ به جميع محبيه بعد ماطالته يد الغدر ومعه إبنيه الشهيدين مصطفى ومؤمل فحَضَرَ في نفسي ذلك التسائل إذ كيف ستتلقى عائلتهم تلك المصيبة الكبرى التي يهتز لها الكون لحظة يُفْقَدُ فيها عالم جليل القدر كالسيد محمد صادق الصدر، فهل أرتاح صدام وجلاوزته منهم أم كان حساب الله بانتظارهم؟!  كلا ثم كلا .. كلا ثم كلا فلقد صعدت أرواحهم الطاهرة الى عليين في جنة نعيم  لينضموا الى قائمة الشهداء في مقعد صدق عند مليك مقتدر يَهْنَئون في جنة الخلد وملك لايبلى، وأما المجرمون فسيسألهم الله سبحانه وتعالى " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ* فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " سورة المدثر الايات 24 – 48.
 إن شخصية كشخصية السيد الشهيد محمد صادق الصدر قدس سره فريدة من نوعها بكل المعاني والمقاييس فلقد كان ثائراً ومقاوماً في الوقت الذي توقف فيه كثيرون حيث كان لايجرأ أحد في وقت كان يحكم فيه صدام، ولقد وقف شامخا في منبره ( منبر الجمعة ) وهو يتكلم بقوة ومعه الملايين من عشاقه وعشاق الحرية.. وأكتظ مسجد الكوفة  بأهل المبادئ من مختلف أطياف شعبنا العراقي المظلوم الذي شهد بداية ثورة بيضاء وشهد ذلك الانقلاب الشعبي الكبير ضد أعتى الدكتاتوريات التي حكمت المنطقة العربية الشرق اوسطية.
لقد كانت إمامة الشهيد في مسجد الكوفة الكبير للناس تعبير عن إنعطاف في تأريخ العراق الحديث ومسيرته،  ومولداً لمرجعية الثورة والحركة ضد الاستبداد والدكتاتورية، وخرقا للخطوط الحمراء التي طبعها النظام الدكتاتوري مع الجماهير، وكانت شهادته رضوان الله عليه عام 1997 هزة حقيقية للنظام الدكتاتوري أرعبته حركة الشهيد الجماهيرية ولم يكن ذلك النظام قادرا على الإفصاح وقتها بكرهه لها ولدور الشهيد العظيم لما ترك من آثار حب وتعلق بينه وبين جماهيره العريضة الواسعة.
الأمر الآخر الذي جعلني أبكي الشهيد الصدر الثاني باستمرارهو عشقي لِفِكْرِهِ ولما تعلمت منه من دروس فكرية وبالأخص تلك التي تتعلق بالإمام المهدي عليه السلام، فلقد كنت له تلميذا عندم وأنا اقرا له موسوعة الامام المهدي عليه السلام.. تلك الموسوعة التي قرأتها عدة مرات ودرستها بإمعان متأثرا بمنهجه الرسالي..  تلك الموسوعة الفريدة التي قدم لها فيلسوفنا العظيم الشهيد الصدر الأول السيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف ذلك العملاق العظيم الذي هز عرش صدام وبشر بزوال حكمه.
نعم كل الطبقة المثقفة والمحرومة كانت قد تتلمذت على يد هذا الرجل الإصلاحي العظيم في كل جمعة يخطب فيها ويتفاعل مع رسالته العملية ومؤلفاته الرائعة في الفقه وفي شؤون الحياة المختلفة وفي المستجدات كما ظهر ذلك في فقه الفضاء وفقه الطب وليجيب على أهم التساؤلات بعين بصيرة وفكر نير ظهر في وقت عسير كان الناس في أشد الحاجة لسماع فتاواه الجريئة.
لقد كان هذا الرجل الشهيد قائدا شعبياً وتلميذاً نجيبا لأهل البيت عليهم السلام،  وعلماً بارزاً قل نظيره في زماننا هذا، زمن الشح والتصحر الذي ظهر فيه الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس الا من موقف بعض النفوس العالية الرفيعة المقام كنفس السيد الشهيد الصدر الثاني الذي قاد المرحلة الجماهيرية الشعبية في وقت عزت فيه المواقف البطولية الشجاعة.
لقد أثبت هذا الرجل الفذ بمواقفه الشجاعة أن المرجعية قادرة أن تنجب شجاعا مثله يقف متحديا جبابرة عصره ومعه تلاميذه الأبرار من دون أن يجرح مشاعر الآخرين..  فلقد أخذ على عاتقه أن يكون حسيني الهوى وهو يتحرك نيابة عن جميع من حوله من العلماء.
لقد كان الرجل الشهيد الصدر الثاني على أعلى درجات الفكر والثقافة وليس في ذلك غرابة،  فلقد تعودنا أن نجد في هذا البيت الصدري الشريف العلم والجهاد فلقد أنجبت هذه العائلة  عَلَمَيْنِ عِمْلاقَيْن في وقت كان الناس أحوج مايكون اليهما،  وماكان من سقوط الدكتاتورية إلاّ ثمرة لشهادة  هذين الرجلين الشهيدين الصدرين الاول والثاني قدس سرهما.
لقد نذر الشهيد الصدر الثاني نفسه الشريفة عندما لبس كفنه وخرج الى صلاة الجمعة العبادية وكانت هذه إشارة البدء للخروج على الظالمين، ولقد وصلت رسالته الى جميع أبناء شعبنا من الأحرار ودفعتهم الى الخروج على الظالمين فيما بعد.
رحم الله الشهيد الصدر الثاني، وأسكنه جنة الخلد وملك لايبلى وحشره مع جده الإمام الحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة.
وفي هذه المناسبة أرفع آيات العزاء الى إمامنا وولينا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وإلى كافة مراجعنا العظام والى كافة المسلمين في العالم..  كما أرفع آيات العزاء الخاص الى أسرة الشهيد محمد محمد صادق الصدر، والى جناب سماحة السيد مقدى الصدر سائلا المولى عز وجل أن يحفظه ويرعاه لخدمة الاسلام والمسلمين وأن يجعله دائما عاملاً مهما في وحدة العراق وأبناء شعبه الكريم.
اللهم تقبل منا هذه الكلمات التي عبرنا فيها عن مشاعرنا القلبية تجاه الشهيد وهو أقل مانقدمه وفاء لهذا العلم البارز الشامخ الكبير إنه هو سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الصادق الامين وعلى آله الطاهرين وجميع أصحابه الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا.

التعليق