عاجل:
مقالات 2010-07-29 03:00 854 0

(قـُرة العين) والمهدي الموعود المنتظر

منذ فترة ليست بالقليلة وأنا أستلم رسائل عبر بريدي الألكتروني تتحدث عن رجل يدَّعي أنه المهدي المنتظر, وكان الرجل الذي

منذ فترة ليست بالقليلة وأنا أستلم رسائل عبر بريدي الألكتروني  تتحدث عن رجل يدَّعي أنه المهدي المنتظر,  وكان الرجل  الذي يبعث لي بالرسائل يعتقد وبشكل قاطع  أن السيد الـ..؟؟.   هو المهدي الموعود , ولربما أعتقد هذا الرجل أن ما يبعثه هو الحق المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فقد أشفقت على ذلك الرجل المسكين وهو واحد من كثير من المغفلين في عالمنا هذا . الذين لم يقرؤا التاريخ ولم يتعبوا أنفسهم بالسؤال ولم يحاولوا إعمال العقل , ولم أشأ أن أرد عليه لأنني أتخذت على نفسي أن  أنأى بنفسي عن هكذا مسائل ولكن إلحاح الرجل أرغمني على الكتابة , فقد  أعتَقدْ هذا الرجل أن مسألة السيد الـ.....( المدعي  بالمهدي) جديدة على المجتمع العراقي وهي تطرق لأول مرة ولم يسمع أو يقرأ أن إمرأة تدعى ( قرة العين )   ولدت سنة 1814م وسكنت كربلاء في أواخر أيام الوالي العثماني نجيب باشا أي حوالي 1843م وكانت أسرتها من ألأسر الدينية المعروفة وكانت هذه المرأة ذات علم وفصاحة وبلاغة وذكاء مفرط  تسلب الألباب تعلمت على يد عمها وأبيها وأخذت بعد ذلك تلقي الدروس الدينية على الرجال والنساء وأصبحت ذات شهرة واسعة وعلم جم وكان تكاتب أستاذها السيد كاظم الرشتي وتأخذ منه الدروس وكان الرشتي  من الشيخيين  بل رئيسهم و والشيخيون هم أتباع الشيخ أحمد الإحسائي وسموا بهذا الأسم نسبة الى الشيخ أحمد الإحسائي ,  وهم مجموعة تعتقد ان من يتصل بأحد ألأئمة عن طريق المنام والأحلام  يوحي له المعصوم بالعلم الغزير ويكشف له الحجب وقد ذكر الإحسائي قصة عن نفسه أنه رأى في  منامه  ذات ليلة الأمام الحسن بن علي فأجابه عن مسائل كانت عصية عليه ثم وضع الإمام فمه على فم الاحسائي ومج فيه من ريقه فأصبح الإحسائي لا يُشكل عليه إشكال بعد ذلك ولو أجتمع البشرعليه جميعا ً. المهم أن هذه المرأة التزمت بالشيخ الرشتي الذي أمر أصحابه بالبحث عن المهدي بعد موته لأن بموته سيكون موعد الظهور قريب وراحت هي ( أي قرة العين) فيمن راح يبحث عن المهدي الموعود فصادف أن ظهر واحد من المدَّعيين كصاحبنا السيد الـ...؟؟؟ بأنه هو الموعود المنتظر وهو سيد من نسل الرسول ذو وسامة وهيبة وذكاء خارق وأسمه السيد محمد علي وهو من شيراز  ولقَّب نفسه بـ (  الباب ) أي باب الله, وما إن سمعت المرأة بهذا الذي خرج حتى أسرعت الى التصديق به والدعوة له , فقد شغلت هذه المرأة المجتمع العراقي بأسره,  وأصبحت حديث الناس والعلماء والشارع لما تُظهر من براعة في الحديث والادب والفصاحة والذكاء الحاد حتى أجتمع عليها خلق كثير وفد أطلق (الباب) عليها أسم ( حروف الحي ) أي حروف الله وأخذت تكتسب الاتباع والمريدين فوجهت الأذهان الى ذلك الرجل المدَّعي أنه المهدي الموعود المنتظر وأخذت تتنقل في المدن العراقية وتدعو بدعوتها  وكان الناس يصلَّون ورائها ويستمعون دروسها ويطبقونها  بالحرف ( المغفلين طبعا ً) .وكانت تعتقد أن الباب هو الإمام المهدي الذي يبدل ما أعتاد عليه الناس من الدين  ويقتل العلماء ( المراجع ) لآنهم مراجع ضلال, لذا كان أتباعها يسيؤون الى مراجع الدين ويشتمونهم,  وأعتقدت  أن أتباع  الباب هم الزهراء المتمثل بشخصها و الأئمة من علي الى الحسن العسكري هم الملتفين حول الباب, وهذا هو مفهوم الرجعة عندها  وهو مفهوم لدى الشيعة الإمامية يقول أن الأئمة عليهم السلام سيرجعون الى الدنيا بظور الإمام المهدي .  وحدث أن الرجل الملقب بالباب قد ألقي القبض عليه وحكم عليه بالاعدام  , فقد قالت حينذاك أن الشريعة لابد أن تنسخ فهذا الذي يعتقد به الناس ليس من الدين في شئ , فقد عقد البابيون ( أتباع المهدي الموهوم)  مؤتمرا ً كبيرا ً في مدينة  بدشت ( إيران)  ليتدارسوا أمرهم, وهم في نزاع بين أن يبقوا عقائدهم أو أن ينسخوها كما  تريد ُقرة العين وبينما هم في غمرة الحوار إذ دخلت قرة العين متبرجة وكاشفة الوجه وعلى غير المعتاد فقد ضج الجميع من ذلك المنظر وغطى البعض وجوههم من هول ما رأى , ولكن ثلة قليلة هم من أيد قرة العين ونشب نزاع جديد بينها وبين رجل من أتباع الباب يدعى ( القدوس) وهو من المقربين لدى الباب وأنتهى النزاع بالصلح والسفر والدخول الى الحمام سويتاً بدون عقد زواج  بدعوى أن الأحكام قد نسخت بظهور المهدي وكان لهذه المرأة وكان لهذه المرأة تأثير كبير وساحر على أتباعها من المغفلين, فقد خطبت في ذلك المؤتمر خطاب طويل يرويه صاحب كتاب ( مفتاح باب الأبواب ) وهو أنها قالت:  ((  إسمعوا أيها ألأحباب الأغيار .. وأعلموا إن أحكام الشريعة المحمدية قد  نسخت الآن لظهور الباب (المهدي الموعود)  وأن أحكام الشريعة الجديدة لم تصل بعد ,وأن إشتغالكم بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتى به محمد كله و وفعل ٌ باطل ولا يعمل بها الآن إلا كل غافل وأن مولانا سيفتح البلاد ويسخر العباد وستخضع له الاقاليم السبعة وسيوحد الاديان ولن يبقى إلا دين واحد وهو دينه الجديد )) وراح ضحية هذه الأفكار أناس كثيرون وسالت دماء وانتهت هذه الدعوة الضالة كمثيلاتها بمقتل قرة العين وعادت الناس الى عاداتها السابقة , وكم سمعنا في هذه الأيام مثل هذه الدعوات أو قريبة منها من أجل تضليل الناس وإستغلال  الجهل المتفشي بالمجتمع وبث مثل هذه الأفكار الضالة المنحرفة ولكن البعض من المغفلين سيصر على جهله ويبقى يبعث بالرسائل عسى ان يصطاد من المغفلين عدد ما  ولكن العجيب في الأمر أن قرة العين كان ظهورها قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان يوم كان العالم غارق في الجهل, والظلام ولربما  كان لأؤلئك المغفلين عذر حيث وسائل الإعلام شبه معدومة والمواصلات بدائية والتعليم محصور وقليل  ولكن ما بال الذين يعيشون في عصر النور والعلم ويصرُّن على الإستغفال. إنها ظاهرة إجتماعية جديرة بالدراسة والبحث .                                                    

التعليق

آخر الاخبار