عاجل:
مقالات 2009-08-01 03:00 1016 0

قراءة وتحليل لقصيدة عصماء خالدة - (دراسه)

مقدمة تأريخية عن الشعر: الشعر ديوان العرب كما يقال وما أجمله وأروعه حين توظف رؤاه الجمالية ومحتواه الفكري لقيم الخير و للحق

مقدمة تأريخية عن الشعر: الشعر ديوان العرب كما يقال وما أجمله وأروعه حين توظف رؤاه الجمالية ومحتواه الفكري لقيم الخير و للحق وينحاز للفضيلة من خلال مدح نجوم تلألأت في سماء الأسلام وعطرت الوجود بجلالها وتقواها وسموها وتركت صفحات مشرقة في عالم الخلود تتنور بها الأجيال ألى يوم يبعثون.

والشعر كغيره من الفنون الأدبية التي يزخر بها قاموس التراث العربي وله الصدارة في ذلك ولا يمكن لأمة من الأمم أن تلغي تراثها بحجة التقدم العلمي والتطور الحضاري ولايمكن للشعر أن يكون عائقا في وجه أية أمة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي وكل منهما لايتعا رض مع الآخر كما يدعي بعض الذين لايحبون هذا الفن الأدبي الرفيع فكم من طبيب ومهندس وعالم في الذرة كتبوا الشعر وتذوقوه. وهنا في الغرب يحتفون ويقيمون المهرجانات الكبرى لذكرى شعرائهم وأدبائهم ويزورون بيوتهم ويقيمون لآثارهم متاحف خاصة يزورها عشرات الآلاف من الناس على مدار السنه.
وحري بنا أن نبجل شعرائنا ونحتفي بهم لأنهم جزء من تراث أمتنا الأسلامية وحضارتها وثقافتها وأمتنا الأسلامية حافلة بشعراء كبار أفذاذ خلدهم الدهر وخاصة أولئك الشعراء الذين وظفوا شعرهم لخدمة المسيرة الأنسانية لآل البيت ع الذين هم عنفوان هذه الأمة وضميرها الحي وألقها الأزلي ويخطئ من يظن أن الله ذم الشعراء في محكم كتابه العزيز من خلال الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم (والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون.ألا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.) الآيات الأخيرة من سورة الشعراء.
أن هذه الآيات الكريمات نزلت في حق الشعراء الذين تصدوا للدعوة الأسلامية وهجوا الرسول الأكرم ص أمثال كعب بن الأشرف وعبد الله بن الزعبري وأبو سفيان بن الحرث وغيرهم أما الذين استثنتهم الآية الكريمة فهم الشعراء الذين سخروا شعرهم لمناصرة الدين الجديد الذي بشر به رسول الله ص بأمر من الله ليكون رحمة وسلاما للعالمين بعد تلك الحقب المظلمة من الجاهلية الجهلاء وعلى رأسهم حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحه وكعب بن زهير وكان الرسول الأعظم يشجعهم ويطالبهم بالمزيد من الشعر الأيماني لترسيخ دعائم الدين الجديد ومن قوله لحسان بن ثابت (أيدك الله بروح القدس والله أن شعرك أشد عليهم من وقع السهام في غلس الظلام) وقال ص (أن من الشعر لحكمه ومن البيان لسحرا) وليس السحر المعروف وأنما السحر الذي يأخذ بالألباب ويدهش النفوس بصوره المشرقه. وقصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير من القصائد الخالدة ومن غرر الشعر التي لايمل متذوق الشعر من قراءتها أبدا والتي يقول في مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم أثرها لم يفد مكبول
وأنه أنشد تلك القصيده في المسجد وطلب منه رسول الله ص أن يجلس وينشدها وعفا عنه بعد أن جاء أليه تائبا وقد عارضها شعراء كثيرون منهم الشاعر المراكشي أسماعيل زويريق الذي قال:
بانت سعاد فما للحزن تمهيل
الدمع منسجل والجسم مهزول
وقصيدة البوصيري الرائعة الخالدة في حق الرسول الأعظم ص والتي تربو على أكثر من 160 بيتا من غرر الشعر والتي يقول في مطلعها:
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
فعارضها الشاعر أحمد شوقي في قصيدة نهج البردة والتي يقول في مطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
يقول أحد الشعراء مخاطبا أقرانه:
يامنشد الشعر أن الشعر معجزة
تهدى ألى الحق لاتشرى بأثمان
وأن من يبدع الأشعار مركزه
أعلى مقاما أرى من تل تيجان
أنه الشعر الحقيقي الخالد الذي لايشترى بثمن أبدا من باب أعطوه ألف دينار كما كان يفعل الطغاة والمتجبرون والظلمه لمداحيهم في العصر القديم والحديث. أما تلك القصائد التي قيلت في حق الأسلام ونبي الأسلام ص وآل بيته الكرام ع فأصحابها ابتعدوا عن التكسب والذل والخنوع وأنما قالوها بمحض أرادتهم وقناعتهم وأيمانهم.
وما دمنا في هذا الشهر الجليل شهر شعبان شهر الرسول الأكرم ص وشهر الولادات لآل بيته الغر الميامين ع الذين حملوا راية الأسلام ونبعه النقي في مهجهم وأرواحهم التي بذلوها رخيصة في سبيل أحياء دين جدهم ص وتخليصه من طواغيت الأنحراف والظلم والقهر ليكونوا قدوة لكل التقاة والخيرين من بعدهم والأمام زين العابدين وسيد الساجدين ذو النفثات علي بن الحسين ع هو أحد هؤلاء الأعلام الكبار صاحب رسالة الحقوق التي تفوقت على كل لوائح حقوق الأنسان قديما وحديثا وصاحب الصحيفة السجادية تحفة التحف في مناجاة الخالق العظيم والتي تعتبر بحق من ذخائر التراث الأسلامي ومن منابع كتب التربية والأخلاق التي سماها كبار رجال الفكر والأدب بأنجيل أهل البيت ع وزبور آل محمد ع وصاحب الخطب البليغة في الكوفة والشام بعد استشهاد أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي ع والتي تحتاج ألى مجلدات للكتابة عنها جدير بأن يلهم ربه شاعرا في حرم الله وفي أقدس بقعة من الأرض وأمام طاغية مريض بالحقد عليه وعلى جده الرسول الأجل الأكرم ص وعلى آبائه وأبنائه فروع من تلك الشجرة النبوية الطاهرة المطهرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء لينشد تلك القصيدة العصماء المتفردة الخالدة دون حبر ورق ويراع والتي تستحق أن تدرس مع مثيلاتها في حق الرسول العظيم ص والعترة النبوية المطهرة في المدارس والجامعات لكي تعرف الأجيال منزلة هؤلاء التقاة العظام في تأريخنا الأسلامي وكيف ضحوا بأرواحهم في سبيل العقيدة الأسلامية الحقه ولكن ماعسانا أن نفعل أذا كانت الأفواه مازالت تعشعش فيها الثقافة الأموية الناكرة لأهل بيت النبوة ونهجهم القويم أيغالا في طمس تراثهم وأمعانا في تجهيلهم لغايات طائفية مقيتة وكما قال الشاعر المتنبي:
ومن يك ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا
ومن عجيب الأمور أن البعض قد حاول التشكيك بنسبتها ألى الأمام زين العابدين ع ومنهم شوقي ضيف وهذا الأمر جزء من المخطط المدروس لطمس كل مايتعلق بآل البيت ع ونقل فضائلهم الكبرى ألى غيرهم ممن لم يصلوا ألى عشر معشار منزلتهم أقول هذا ليس لأسباب طائفية أبدا ولكن لذكر الحقيقة التي لابد أن يذكرها كل كاتب منصف في عالمنا الأسلامي.
لقد جاء الأمام علي بن الحسين ع ليطوف حول البت العتيق فلما انتهى ألى الحجر الأسود تنحى عنه الناس حتى استلم الحجر وكان هشام بن عبد الملك في أيام أبيه عبد الملك بن مروان قد أمر حاشيته بنصب كرسي له لينظر ألى الناس في موسم الحج ولفت الأمام المبجل انتباه أحد أفراد الحاشيه فسأل هشاما من هذا الذي تنحى عنه الناس ياحضرة الخليفه فأجابه لاأعرفه! وكان الشاعر الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه وبدأ ينشد:
ياسائلي أين حل الجود والكرم؟
عندي بيان أذا طلابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا الذي أحمد المختار والده
صلى عليه ألهي ماجرى القلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه
لخر يلثم منه ماوطى القدم
هذا علي رسول الله والده
أمست بنور هداه تهتدي الأمم
لقد أراد الفرزدق بتأكيده على حرف الأشارة هذا كرسالة احتجاج على تجاهل الطاغية الأموي ذلك العلم البارز والمعروف الذي تعرف مشيته وخطاه البطحاء أرض مكه ويعرفه بيت الله الحرام أنه من تلك الدوحة النبوية المطهرة التي تستمد نورها من نور الله وهوأبن أفضل خلق الله ص وهو تقي ونقي وطاهر وعلم وكلها صفات مترادفة وضعها الشاعر في نسق وصفي أبداعي جميل وأخاذ وهذا يمثل روح الشعر ونبعه النقي. أن الفرزدق هنا يرتجل مطلع قصيدة بشعر فخم متألق بعيد عن الحشو والتكلف والكلمات الزائدة البعيدة عن مهنة الشعر الحقيقية وكأن لسان حاله يقول أما تعلم أيها الطاغية الأموي منزلة علي بن أبي طالب ع صاحب نهج البلاغة والمعارك الفاصلة في الأسلام الذي تربى في بيت الرسول الأكرم ص ونهل من ينابيع مودته وحنانه ورباه ص وفقا لما علمه ربه تعالى؟ ألم تعلم أن رسول الله ص بعد أن اختار عليا ع قال: (قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليا ع) شرح نهج البلاغة لآبن أبي الحديد 1/15
ألم تسمع بقول رسول الله (ياعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن لانبي بعدي) فهذا الأمام الذي تجاهلته هو أبن ذلك البطل الضرغام وسيد العرب وخليفة رسول الله ص علي بن أبي طالب ع. ثم يستطرد منشدا ومؤكدا مرة أخرى على أن الأمام زين العابدين ع هو أبن ذلك الأمام العظيم أبو الحسنين وزوج أبنة رسول الله وبضعته فاطمة الزهراء البتول ع ولو يعلم الحجر أنه ذلك العلم لخر ساجدا على قدميه رغم قداسته. ثم يلمح له ألم تسمع بجعفر الطيار ذو الجناحين شهيد مؤته؟ ومن ثم ألم تسمع بحمزة أسد الله الغالب وشهيد أحد عم الرسول العظيم ص؟ أن الأمام الذي تجاهلته ينتسب ألى هؤلاء الرجال الغر الميامين الذين تنتهي أليهم مكارم الأخلاق فيقول:
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه
لخر يلثم منه ماوطى القدم
هذا علي رسول الله والده
أمست بنور هداه تهتدي الأمم
هذا الذي عمه الطيار جعفر وال
مقتول حمزة ليث حبه قسم
هذا ابن سيدة النسوان فاطمة
وابن الوصي الذي في سيفه نقم
أذا رأته قريش قال قائلها
ألى مكارم هذا ينتهي الكرم!
والمعنى هنا واضح الدلالة في عبارات شعرية متدفقة أحتجاجية على الطاغية الأموي ولسان حاله يقول هؤلاء أنهم حجة الله على خلقه وهم المشكاة والنور المتلألئ بين السماء والأرض مابقيت الدنيا فمن أنت وآباؤك وأجدادك؟ بل أين الثرى من الثريا؟
ويسترسل الشاعر في الأنشاد البلاغي والأيماني العميقين ألى أن يقول:
ينجاب نور الدجى من نور غرته
كالشمس ينجاب من أشراقها الظلم
هذا ابن فاطمة أن كنت جاهله
بجده أنبياء الله قد ختموا
أنه تأكيد للمعنى السابق فهو أبن الرسالة ووليدها الشرعي الذي استقى علومه من علوم جده المصطفى وآبائه الهداة المهديين وهو كالشمس المشرقة في رابعة النهار ولا يسوؤه أن تجاهلته وتجاهله غيرك من دعاة الضلالة والأنحراف.
ثم يعرج على ذكر الكثير من الأماكن التأريخية والمعارك الفاصلة في الأسلام التي اشترك فيها جده علي بن أبي طالب فيقول:
بدر له شاهد والشعب من أحد
والخندقان ويوم الفتح قد علموا
وخيبر وحنين يشهدان له
وفي قريضة يوم صيلم قتم
ذلك اليوم الشديد الوطئة والظلمة على يهود بني قريظة الذين ناصبوا العداء للأسلام ورسوله العظيم محمد ص وما انفكوا يتآمرون على الأسلام ونبيه ص ألى أن لقنهم علي ع درسا لم تقم لهم قائمة بعدها وأنت تحاول أن تتجاهل كل ذلك.
هؤلاء هم الذين قال فيهم رسول الله ص (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ماأن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) هذا الحديث النبوي مدون في عشرات المصادر الأسلامية وأولها صحيح مسلم
أن عد أهل التقى كانوا أئمتهم
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
فهل سينفعك تجاهلهم؟
لقد نطق الشاعر الفرزدق بالحق المبين في تلك القصيدة الخالدة العصماء أمام طاغية حاول هو وآباؤه وأبناؤه من الشجرة الأموية الباغية على الأسلام أن يطمسوا فضائلهم وينسبوها لغيرهم ولكن هيهات أن يحجبوا نور الشمس بغرابيلهم الضلالية المتهالكة وكما يفعل السائرون على نهجهم اليوم ولكن سيخيب ظنهم ولابد أن ينكشف الحق مهما طال الزمن وأقسم بالله أنني لم أتطرق ألى هذا بدوافع طائفية أبدا ولكني وجدت الحق فكتبت وأن أهل بيت النبوة ع لم يكونوا ملكا لطائفة دون غيرها ولكن هم للمسلمين جميعا ومن واجب المسلمين ذكر فضائلهم وجهادهم وتفانيهم لرسالة جدهم رسول الله ص وأذكر هنا بيت شعر للشاعر المسيحي بولص سلامه حيث يقول:
لاتقولوا شيعة هواة على
أن في كل منصف شيعيا
أن هذه القصيدة التي نطق بها الشاعر الفرزدق بألهام رباني تتألف من 44 بيتا وكل بيت يحتاج ألى الكثير الكثير لشرحه وتوضيحه وربما تناولها الكثيرون بالنقد والشرح والتحليل وقد دفعني دافع الولاء لآل البيت لأكتب كلمات قليلة عنها لشدة تأثري بها أنها بحق لوحة بلاغية رائعة قيلت من أجل الحق وخلدت قائلها ولو نطق بها وحدها لعد من شعراء الواحده فما أجمل الشعر حين يوظف للحق والفضيلة وكما قال رسول الله ص (وأن من الشعر لحكمه) صدق رسول الله ص. فسلام على رفاتك الطاهر ياسيدي ياعلي بن الحسين ع أيها الزكي ياسيد العابدين سلام على أرض البقيع الطاهرة التي تضم كوكبة من نجوم العترة الطاهرة ع واعذرني لأنني لم أف بحقك بهذه الكلمات وأطمع أن تكون شفيعي يوم القيامة وسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا مع جدك وآبائك وأبنائك الغر الميامين.
الشاعر الفرزدق في سطور
1-هو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعه من دارم من تميم.
2- ولد عام 25 هجريه في البصره ولقب بالفرزدق لجهومة وجهه وأثر الجدري فيه.
3-أوصى الأمام علي ع أباه أن يعلمه القرآن. بعد أن عرف أنه شاعر
4-عرف بالهجاء وخاصة نقائضه مع جرير الشاعر
5- شعره نموذج كامل للغة عصره. حتى قيل عنه (لولا الفرزدق لذهب ثلث اللغه) قال عنه أبو عمر بن العلاء (لم أر بدويا أقام في الحضر ألا فسد لسانه. غير رؤبة والفرزدق)
توفي عام 114 هجريه بعد تطواف في العراق والشام والجزيره.
المصادر:
1- الآيات الأخيرة من سورة الشعراء.
2- ديوان الفرزدق
3- قصائد خالده أنشدت في أهل البيت (أعداد المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت)
4- قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير
5- صيدة نهج البرده للبوصيري
6- قصيدة نهج البردة المعارضة لأحمد شوقي
7- نهج البلاغه.

التعليق