عاجل:
مقالات 2009-05-10 03:00 683 0

علاقة المراة بزوجها في المفهوم الاسلامي

السلام عليكم مازالت القضايا الاسلامية والدينية تسيطر على تفكيري ووجداني نتيجة الضغوطات التي يتعرض لها المسلمون والتي

السلام عليكم
مازالت القضايا الاسلامية والدينية تسيطر على تفكيري ووجداني نتيجة الضغوطات التي يتعرض لها المسلمون والتي دائما ماتحاصرهم في رزقهم وحياتهم ونمط عيشهم وحتى في تحديد طبيعة العلاقات بين افراد المجتمع الاسلامي..
اليوم اسلط الضوء على علاقة المراة بالرجل (زوجها) وبنظرة اسلامية وحسب مافهمته ونهلته من سماحة اية الله العظمى (.....) والذي رباني عندما كنت شريدا وضائعا والله المستعان على كل شي... ومن اول اساسيات هذه العلاقة هي احترام مال المرأة (لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً) إن ذلك إشارة إلى ما كان يحدث من انتقال المرأة بالإرث إلى الولد الأكبر، في تقاليد الجاهلية، فكانت هذه الفقرة من أجل النهي عن ذلك. وقيل: إن ذلك إشارة إلى الاستيلاء على إرث المرأة ومنعها منه، فيكون المراد من إرث النساء إرث المال، من باب الكناية عن أخذه والسيطرة عليه، وربما كان هذا هو الأقرب، وفي ضوء ذلك، نلاحظ أن ما ذكر في سبب النزول، لا ينسجم مع ظهور الآية، فإن العادة الجاهلية تجعل النساء موضوعاً للإرث، بحيث تكون جزءاً من المال الموروث الذي يتصرف به الوارث بالرغم من إرادتهن، وهذا النهي التشريعي يؤكد احترام المرأة في مالها، فلا يجوز للرجل أن يضغط عليها ليأخذ مالها بغير حق، ولعل التعبير بكلمة (أَن تَرِثُواْ) ينطلق من كون المال الذي يأخذه الرجل إرثاً في الأصل، فكأنّه يرثها بمعنى يتملك مالها في حياته كما لو كان إرثاً له. اما الحالة الثانية وهي الاكراه اي (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ)، العضل: هو المنع والتضييق، فلا يجوز للرجل أن يضيّق على المرأة في معاملته لها كوسيلةٍ من وسائل الضغط النفسي الذي يدفعها إلى التنازل عن بعض حقها من المهر أو غيره لتتخلص من ضغوط الزوج، لأن مثل ذلك يعتبر إكراهاً لا يحل معه أخذ المال، إضافةً إلى أنه ظلم فادحٌ حرامٌ. ولكن هناك حالةً واحدةً مستثناةً من هذا الحكم، وهي حالة إتيان المرأة بفاحشة مبينة، والظاهر أن المراد بها الزنى، ففي مثل هذه الحالة، يمكن للرجل ممارسة بعض ألوان الضغط لتفتدي ذلك بمالها من المهر كلاً أو بعضاً، كعقوبةٍ لها على هذا الانحراف من جهة، وكتعويضٍ للرجل نتيجة إساءتها إلى مشاعر الكرامة والشرف عنده. وربما يثير البعض وجود تنافٍ بين هذه الآية التي تمنع من أخذ مال الزوجة تحت تأثير الضغط بالتضييق عليها، وبين الآية الواردة في سورة البقرة (وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) فإنّها تبيح أخذ الفداء منها للخروج من تحت سلطة الزوج بالتحرر من قيد الزوجية.ولكن المسألة ليست كذلك، فإن الآية في سورة النساء تنهى عن أخذ المال تحت تأثير الضغط بالتضييق والحبس ونحو ذلك، بينما الآية في سورة البقرة ترخِّص للرجل أخذ الفداء من المرأة التي تعيش العقدة من الرجل والكره له من خلال بعض الحالات النفسية الذاتية لا من خلال الإكراه الصادر منه، فيمكن لها في هذه الحال أن تدخل معه في مفاوضاتٍ حبيّة لتبذل له المال في مقابل أن يطلقها ويختلعها منه، باعتبار أن الطلاق حقه الشرعي الذي يملك أن يستعمله أو لا يستعمله. اما الحالة الثالثة وهي حسن المعاشرة (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) هذا هو الخط الذي انطلق منه الإسلام في علاقة الرجل بزوجته، «المعاشرة بالمعروف»، التي تتمثل في احترام المرأة في مشاعرها وعواطفها وشخصيتها المستقلة كإنسانة محترمة في إرادتها وتفكيرها، في ما اختصره القرآن الكريم من كلمتي «المودّة والرحمة» اللتين توحيان بالعاطفة الروحية العميقة، وبالاحترام المتبادل للظروف الموضوعية الداخلية والخارجية المحيطة بالطرفين. وهذا ما يحفظ للحياة الزوجية حيويّتها وإنسانيّتها وامتدادها في أعماق الذات اما الحالة الرابعة  وهي عدم السقوط أمام الانفعال (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً). وهذه لفتةٌ قرآنيةٌ توحي للأزواج بالابتعاد عن الاستسلام للمشاعر الطارئة السلبية تجاه زوجاتهم، فليس من المفروض أن تصدق المشاعر، أو تقترب من الواقع؛ فقد تنطلق المشاعر بالكراهة على أساس حالةٍ انفعالية سريعة، ناشئةٍ من نظرة سوداء أو كلمةٍ حمقاء أو حركة عابرة، ما يستثير في الإنسان جانب الإحساس الضبابي الغامض الذي يحجب عنه جانب الوضوح في الرؤية، فيخيّل إليه أن الخير شرٌ، وأن الشرّ خيرٌ، فتختلط لديه المواقف، وتبتعد عن طريقه الحكمة..، فيتصرف تصرفاً خاطئاً بعيداً عن مصلحته ومصلحة الإنسان الآخر، ولا سيما في العلاقات الزوجية التي قد تعكر صفوها بعض الحالات الطارئة من خلال ما تثيره في النفس من مشاعر وأحاسيس في غير مصلحة الطرفين؛ وعليه أن يعرف أن الشعور قد يتعامل مع الخيال والأوهام، بينما يتعامل الفكر مع المعطيات الحقيقية للأشياء.وقد يتمثل هذا الخير الكثير بالنتائج الإيجابية التي يحصل عليها الزوج في صبره على العقدة التي يحملها والحالة النفسية التي يعيشها تجاه زوجته، وذلك في الأجواء الطبيعية التي يتحرك فيها الأولاد في أحضان الأبوين اللذين يمثل اجتماعهما على رعاية أولادهما وتمرّدهما على نوازعها النفسية عنصراً إيجابياً في انفتاح الأولاد على الجانب الحميم المتعلّق بالعاطفة والحنان، بينما يؤدي الطلاق أو التنافر إلى التعقيدات الصعبة في حياة الأولاد والزوجين معاً. وقد تنطلق البدايات في حركة السلب لتتحرك النهايات في حركة الإيجاب، ما يفرض على الإنسان انتظار العواقب النهائية لمعرفة الأبعاد الواقعية للموضوع. اما الحالة الخامسة وهي وجوب حفظ الحقوق المادية للزوجة (وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً). في هاتين الآيتين تأكيد على وجوب احترام الحقوق المادية للزوجة من قبل الزوج، مهما كانت الظروف والحالات الطارئة؛ فليست هناك أية حالة مبررة للامتناع عن دفع المهر أو سلبها إياه، لأنه حقٌ ثابتٌ تماماً كبقية الحقوق الأخرى التي تستحقها المرأة من خلال معاملات مادية عادية؛ وهناك تركيز على حالة معينة، وهي حالة الطلاق التي عُبّر عنها بإرادة استبدال زوج مكان زوج ـ وكلمة الزوج تطلق على الرجل والمرأة ـ فقد يخيّل للزوج أن من حقه أن يأخذ المهر الذي دفعه للأولى من أجل أن يدفعه للثانية حتى لا يتعرض للخسارة؛ ويريد القرآن أن يؤكّد النهي عن ذلك ـ بعضاً منه أو كلاًّ ـ لأنه بهتان من خلال ما يمثله من الباطل في العلاقات المالية، تماماً كما هو البهتان الذي يمثل الافتراء في الكلمات، وتتصاعد القضية في المفهوم القرآني، لتستثير الجانب الإنساني الذاتي في عمق مشاعر الإنسان؛ فتثير أمامه الأجواء التي كانت تمثل الاتحاد الجسدي والروحي، الذي جعلهما كياناً واحداً، ما يفرض على الزوج أن يُخلص لهذه العلاقة ويحترمها ويشعر بمسؤوليته تجاه هذه الإنسانة، في كل ما تمثله الوحدة من روحية العطاء، فلا يسلبها الحق الذي اكتسبته من خلال ذلك من دون مبرّر. ثم يؤكد الموقف بطريقةٍ أكثر قوة، فيعتبر هذا التصرف نقضاً للعهد وتمرداً على الميثاق الغليظ المؤكد المشدّد، الذي أخذته عليه من خلال عقد الزواج الذي جعل لها الحق في المهر على أساسه. وربما كان في التعبير عن الزواج بالميثاق الغليظ إِيحاءٌ بالنظرة الإسلامية التي يريد للزوجين أن ينظرا بها إلى علاقتهما وجاء في مجمع البيان قال: «الميثاق الغليظ هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان… وهو المروي عن أبي جعفر(ع). وقد نلاحظ أن كلمة «الميثاق الغليظ» لم ترد في القرآن إلاّ في عقد الزواج، ما يوحي بالأهمية الكبرى التي يوليها الله سبحانه للعلاقة الزوجية بما لا يوليه لأية علاقة أخرى، لأن أية علاقة إنسانية في الموارد الأخرى تختص بجانب من جوانب الحياة الخاصة للطرفين، بينما تمثل علاقة الزواج اندماجاً روحياً وجسدياً في كل المدى الزمني الذي تلتصق حياتهما ببعضها في الليل والنهار في المفردات الصغيرة والكبيرة، على هدى التعبير القرآني(هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) فكأن كل واحد منهما يلبس الآخر ويدخل في داخل شخصيته، الأمر الذي يترك تأثيره العميق الواسع على كلٍّ منهما في طبيعة حركة حياته وقرار مصيره، ما يفرض الكثير من التأكيد والتوثيق في خط الالتزام من موقع عمق الكيان لا سطح الكلمة. وللحديث بقية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

التعليق