عاجل:
مقالات 2010-12-17 03:00 744 0

؛؛عفوية مراسم عاشوراء ؛؛ انتفاضة الحق المستمرة ضد الظلم

لقد قرات بعضا مما كتب حول موضوع عاشوراء فيما كانت الكتابة بين ناقد وحاقد ومؤيد ومتحفظ ومتحذلق فوجدت الصراع على

لقد قرات بعضا مما كتب حول موضوع عاشوراء فيما كانت الكتابة بين ناقد وحاقد ومؤيد ومتحفظ ومتحذلق  فوجدت الصراع على اشده والصراع الفكري بين العفوية والبساطة في اظهار الحق من جهة وبين الثقافة الغريبة والحقد والضغينة وبين من لا يحمل سوى الافكار السوداء من جهة اخرى. لا اتفق مع من يصف عامة المجتمع بوصف لا يليق (ولربما الكثير من الكتاب المحترمين لا يقصدوا الاساءة وانما قصدوا بوصفهم المتسرع بساطة الناس وعفويتهم وسلوكهم الفطري ). ان كل مجتمع من مجتمعات الارض ما هو الا عبارة عن نسيج اجتماعي مكون من طبقات اجتماعية وفكرية مختلفة كما ان طبقة او فئة المفكرين لا يمثلون الا اقلية صغيرة. فليست المجتمعات الاوربية او غيرها بافضل من مجتمعاتنا في هذه النقطة. ان هذه المجتمعات على الاعم الاغلب بعيدة نوعا ما عن القدسيات الدينية. لذا نراهم يرفضون ما لم يتعودوا عليه لكنهم يؤمنون بالخرافات وعقولهم بسيطة والاعلام ياخذهم يمينا ويسارا. وتبقى غايتهم هي كيف يعيشوا الدنيا بافضل ما يمكن لهم حتى لو كان ذلك على حساب الاخرين او على حساب المجتمعات الاخرى. نبينا الاكرم عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام قال واكد على محادثة الناس على قدر عقولهم وهذه حكمة يدركها المصلح الاجتماعي لربما اكثر بكثير من المفكر الذي يتبنى المثالية الخيالية او النظرية الافلاطونية. ان هؤلاء الناس الذين يقيمون مراسيم عاشوراء ما هم الا ناس بسطاء وعفويون. غايتهم هي ان التقرب الى الله والدعوة للحق بعفوية شديدة وهم يفعلون ذلك بنية خالصة قد لا يمتلكها الكثير من المثقفين المتحذلقين بالكلمات والمستنكرين المنددين بشدة لكل ما لا يلائهم ذوقهم. ان عفويتهم واحساسهم وايمانهم العميق بما يفعلون بانه يقربهم من الله ويجعل قلوبهم مترققة ورحيمة ويجعلهم كرماء ويجعلوهم في حالة نشوة نفسية وعاطفية كبيرة. وهذا شيئا لا يمكن ان يحصل لهم ولو تحدث  معهم كل مثقفي الارض بمحاضرة او محاضرات فكر وثقافة. ان توحدهم وسلوكهم العفوي يعتبر درس الهي بليغ ينبه العالم كله ويجعل الدنيا كلها تنظر اليهم وتنبه الى حقيقة الانسان ونضاله ضد الظلم من اجل الحق والحرية انهم يعطون محاضرة ألهيه لكل البشرية وهذه المحاضرة يفشل في ايصالها ابلغ المفكرين فمن يستطيع ان ينقل فكر الحسين لكل الدنيا ويجعل الناس في كل ارجاء المعمورة يهتموا بانتفاضة الحق الحسيني. ان العفوية والشعور الجماعي بالانفعالات المتعاظمة باتجاه الانتفاض للحق جعل من هؤلاء العفويون وكانهم ذوي شعور جماعي يتحركون وفق الفكر القدسي الالهي الذي شاء لهؤلاء ان يكون بمجموعهم معلم عظيم للبشرية. ان بساطة ادركهم لمسالة الحسين وانتفاضته ضد الظلم يفهمونها عاطفة ولاء للحسين ودموعهم تحكي واصواتهم تصدح بهذا الولاء. اتفق مع البعض بان المغالاة غير مقبولة لكن لا يمكن ان اقول عنها محرمة او مرفوضة ما دامت لا تسيء الى احد.

 ان مواكب الزناجيل يضربون بالزناجيل اجسادهم ولا يؤذون انفسهم وانما هم يمثلون حالة من الرضى النفسي والانساني الكبيرة. هناك تهويل وتعظيم كبيرة لمسالة مواكب الزناجيل على انها قاتلة ودموية وما الي غير ذلك وهذا غير صحيح الا بحدود ضيقة جدا قد نراها في افغانستان  مثلا. ان مواكب الزناجيل الدموية ترى في ايطاليا واوربا في بعض مهرجانات الحزن المسيحية يشاهد المحتفلون وهم يضربون انفسهم بزناجيل فيها سكاكين. بينما مواكب الزناجيل في العراق بشكل عام هي مواكب حزن عفوية وبسيطة وغير مؤذية وانا يوميا في ايام محرم الحرام ارى عشرات المواكب التي يسير فيها حتى الاطفال بعضهم بعمر 7او 6 سنوات وهم يحملون الزناجيل الصغيرة ويضربون بها اجسداهم برفق ولم ارى فيهم من هو متاذي جسديا. ان مواكب الزناجيل هي اشبه بمهرجان وطني للحرية ولمولاة الحق لا يؤذى فيها احد. ان هذه الموكب اثرها بليغ برسم ثقافة التوحد العاطفي المقدس الكبير للمجتمع العراقي ان اقامة هذه المواكب بنغماتها الحسينية تزرع بالنفوس ما لا يمكن ان يمحى. اقول كلمة هنا ان هذه هي عقيدة حق جبارة تحفظ الفكر الحسيني اكثر  من كل الندوات الفكرية التي ممكن ان تقام. لانها تثير في النفوس حب المعرفة بعد ان يرى الانسان هذه المواكب ويشاهد الهيام في حب الحسين وحب الحق يكون الانسان تواقا ليسمع الكثير عن فكر الامام الحسين وانتفاضته العظيمة ضد الظلم. ان المواكب الحسينية هي مدرسة بليغة تحفظ الفكر وتزرع في نفوس الاطفال خصوصا حب الحسين وحب الحق والفضيلة. اتذكر مثل الحلم ايام طفولتي في عاشوراء كنت اجوب درابين قريتي مع المواكب الحسينية وكنت ارى جميع اهل القرية يبكون ويضربون الصدور ويصرخون بكلمة لبيك يا حسين بصوت ونغمات تثير في النفوس العاطفة العظيمة وذلك جعلنى اتنبه لهذا وكنت اسال امي وابي  واخوتي الكبار عن ذلك واسال احيانا زملائي تلاميذ المدرسة بنقاشات بسيطة بريئة. كنت افهم من هذه المراسم اكثر مما افهمه من محاضرات وكلمات الفلاسفة والمعلمين. نعم ترسخ في ذهني حب الحسين وفهمت رسالته الجهادية. ان المراسم الحسينية ليس فيها شيء سيئا بل انها اعظم كرنفال لنصرة الحق انها رياضة وصحة نفسية وبدنية لم نسمع في مراسم عاشوراء ما يسيء الى اي راي وفكر اجتماعي اخر لم نسمع فيها أي شيء يثير الفتن اتجاه المجتمعات والاديان والطوائف الاخرى. ان المقدسات ان لم يكن فيها شيء من القسوة على النفس ما سميت مقدسات. لان الانسان لا يتعلم النظام الا بقوانين فيها شيء من القسوة لكي يستمر القانون ويستمر النظام. ان الشعائر الحسينية واعلان الولاء وما يرافقها من محاضرات هنا وهناك ونقاشات هنا وهناك هي التي تجعل هذا الفكر منتصرا وباقيا ما بقينا وبقيت الحياة. ان الاعلام المعادي كبير جدا وهائل ضد فكر الامام الحسين وانصاره وضد مراسم عاشوراء على طول ايام السنة والفكر التكفيري يفعل ما يفعل بامكانته الاقتصادية والاعلامية الهائلة ليشوه الحقائق ويحاول ان يسيء الى معتقدات اتباع اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم اجميعين ويفشل اعلام الفكر التكفيري امام اعلام اقوى من كل اعلام في العالم وهو اعلام  الصدق الحسيني المترسخ باحياء شعائر الحزن واحياء عاشوراء حيث تاتي ايام محرم الحرام لتصفع كل ذلك الاعلام الغبي بهتاف الجموع بكلمة لبيك يا حسين لبيك يا حسين.

 المحاضرات ضرورية للتعريف بفكر الحسين لكن الفكر لمن؟ ان الفكر والنقاش العلمي لمن لا يعرفه واجب.. والكثيرين من النواصب معبئين فكريا بحيث هم لا يسمعون أي كلمة حق ولا يتقبلون أي نقاش صالح. لذا تاتي هذه المراسم الحسينية لتكون صرخة عظيمة تنبه الغافلين. ان هذه المراسم التي يستهجنها البعض هي سر من اسرار القدسية وهي اعظم وابلغ محاضرة فكرية للعالم ممكن من خلالها ان يتنبه الكثيرين الغافلين  ليهتدوا لصوت الحق. ان حدوث مثل هذه المراسم ونقلها عبر الفضائيات من مواكب الزناجيل ومواكب الحزن والتشابيه  وركضة طويريج عندما يرى العالم كله الملايين يركضون وهم يصرخون بصوت الحق لبيك يا حسين سيسال الناس سوف يسال كل من لا يعرف لماذا هذه الركضة لماذ هؤلاء يقوموا بهذه المراسم. لاجل ماذا كل هذا ان هذه المراسم تعطي اعظم واكبر تحفيز للعقول في كل ارجاء العالم ليستفهموا الحقيقة ومن يراها يتفاعل في الغالب ايجابيا معها لانها عفوية وصادقة نحن كبشر أي شيء صادق نتعاطف معه نحاول ان نفهمه وندركه ونفسره على اوجهه الصالحة. اذن هذه الجموع الجبارة التي تحيي مراسم عاشوراء تثير في النفوس الكثير من الاسئلة العظيمة التي يمكن للمنصف ان يستنتج منها الكثير الكثير من العبر الصادقة الصالحة. وهنا المفروض ياتي دور المثقف والحكيم والفيلسوف ليعطي معاني الانتفاضة الحسينية واحياء مراسمها. ان مراسم عاشوراء هي واجب اجتماعي ووطني ان لم اقل ديني وهي انتماء للحق. ان الائمة الاطهار عليهم الصلاة والسلام نصحوا اتباعهم بعبارة(احييوا امرنا) المقصود بذلك هو استمرار انتفاضة الحق الحسيني حتى بعد استشهاده ..لتكون صرخة حق مدوية ترعب كل سلطان جائر وكلمة لبيك يا حسين ترعب كل حاكم ظالم. ان الجموع والحشود الشعبية العفوية في احياء عاشوراء لو تمعن فيها كل منصف سيجد بانها لا تضر احد ابدا.انها راية التوحد الشعبي الوطني يجب ان نبحث عن أي شيء يوحدنا لان الوحدة هي قدسية وطنية واجتماعية.

ما احلى شعار هيهات منا الذلة لبيك يا حسين.... هيهات منا الذلة لبيك يا حسين. 

بقى الاراء نسبية ..نحترم جميع الاراء قلنا ما نعتقد بدون  تعصب ونحترم أي راي هادف لا يسيء الى احد ولا يكون ناشيء عن حقد اعمى.. نحترم الاراء ونتقبل النقاش المنطقي العلمي الهادف. بعيدا عن روح التسقيط وروح المعاداة.


 تحياتي واحترامي لكل منصف باحث عن الحقيقة

التعليق

آخر الاخبار