عاجل:
مقالات 2010-01-16 03:00 560 0

صناعة الرواية

هل الرواية جزء من كاتبها ؟ هل تختلط إحداث الرواية بإحداث عاشها او زامنها الروائي على الأقل ؟ هل يكون العمل الروائي

هل الرواية جزء من كاتبها  ؟ هل تختلط إحداث الرواية بإحداث عاشها او زامنها الروائي على الأقل  ؟ هل يكون العمل الروائي الأول انعكاساً لحياة راويه  تماماً؟ ومن ثم حين يبدأ الروائي بإنتاج روايته اللاحقة هل ستكون  محض تصورات أم امتداد لواقعه ؟هل يبدأ المخيال الروائي يبجر في فضاءات الخيال لكي ينتج  لنا إحداثا مختلقة مفترضة وينعدم فيه الصدق السردي  تماماً ؟ هل يدخل التحليل الواقعي والاستشراف المبني على المنظور البياني لدى الكاتب  في رسم ملامح إحداث تلك الروايات  ؟أم يبقى واقع الروائي الذاتي يفرض نفسه في أجزاء العمل الروائي مهما تعدد النتاج ؟  ومن ثم السؤال الأبرز هل تحولت الرواية الى صناعة في ظل انفتاح تقني معلوماتي هائل ؟.

الرواية جزء أساسي من الكاتب فلا يمكن تجريد النص عن كاتبهِ لان القراءة حينئذ ستكون قاصرة، ومجتزأة  وباعتقادي يميل الروائي الى إنتاج عناصره الجديدة بعدما يدخل عناصر سابقة الى مصهر مخيلته ِليعيد تشكيلها وفقاً لمنظورهِ الروائي الذي سيعتمد عليه حتماً في سبر الإحداث وبناء أزمنة الرواية وأمكنتها وشخوصها وتشابك أحداثها، ولكن على الكاتب الحاذق ان  يمارس مهنة النساج المتقن لمهنتهِ في استثمار ما تختزنهُ الذاكرة في صناعة الحدث وتحميلهُ هواجسهُ ليصوغها في بنية سردية يؤطرها بتمازج بين الخيال والواقع ضمن رؤية أيدلوجية يؤمن بها الكاتب او ينتصر لها ، ليتمكن من جر القارئ   الى أماكن يعيشها ضمن انساق الحدث الروائي المفترض  متفاعلاً معهُ، وهنا تختلف اتجاهات الكتاب الروائيين من حيث تبني الايدلوجيا والكتابة ضمن مدرسة ينتمي إليها منتج النص ، او يحس بقرب أفكاره منها، أي يظل للتأثير الذاتي كما قلنا دوره الواسع في رسم ملامح العمل وإعطاءه لمسة معينة ، ولو اقتربنا من أجواء أي رواية وحاولنا التعرف على أجواء الكاتب الذاتية سنجد تقارباً يكاد يكون كبيراً بين العالمين ، ولذا فان أي عمل ابداعي معين لايبتعد عن ذاتية المنتج حتى وان حاول هو ان يبعد أنفاسه عن النص ، ولكن في العمل الروائي الناجح   ينبغي إدراك إسرار اللعبة السردية حتى لا يقع الكاتب في المحضور ويكرر نفسهِ ، وهذا يحتاج الى مخيلة متقدة قادرة على الخلق والتجديد،  وذاكرة حية قادرة على الاسترجاع،  ومعالجة الواقع والافتراض الذي يخلقهما الكاتب ضمن رؤية إبداعية ممارساً دوره في إيجاد وشائج ارتباط عضوي فاعل بين مكونات تلك العوالم المخلقة روائياً  ، ومعطياً تبريراً منطقياً لإدامة الصراع الذي يكون عامل أكيد في منح النص ديمومة وحيوية ،  ويدفع  تلك العوالم نحو التطور والتفاعل  ، ان مهمة الروائي تكمن في دوره الواسع في تشكيل النص ومن ثم تخليق العوالم وتوفير البيئة المطلوبة لبدء عملية التشكل السردية ، ان إدراك الروائي العربي لإسرار هذه الصناعة سيجعلهُ قادراً على ان ينتج نصوصاً مليئة بالصور والمعالجات لمختلف القضايا وسيمنح النص الروائي العربي شرعية وجود ضمن انساق الفن الروائي العالمي الأخذ بالتطور والاتساع ، فالفن الروائي اليوم أصبح يقف في طليعة الفنون الأدبية في هذا العالم وما ان يصدر عمل روائي في الغرب او الشرق حتى يتابع ويكتب عنه وينقد _وهنا بالتأكيد اقصد الإعمال المثيرة – ولذا أصبح الروائي اليوم ناقلاً بل ومعبراً عن قضايا إنسانية عامة قادراً على توظيف طاقته الابداعية في إيصال أزمات وهموم وتطلعات الإنسان في أي مكان كان في إرجاء هذا العالم الواسع فأصبحنا نطلع على قضايا شعوب وأمم تبعدنا عنها الآلاف الكيلومترات او اكثر من خلال متابعتنا لعمل روائي كتبه احدهم هناك  ، نعود لنكرر حديثنا ان الروائيين العرب هم في طليعة الأدباء الذين يعول عليهم ان يلعبوا دوراً في إحياء نهضة أدبية وإنسانية شاملة في أوطانهم بالدرجة الأساس وينقلوا صورة عن مجتمعاتنا العربية وقضاياها المصيرية الهامة الى أمم أخرى وشعوب لنكسب دعماً وتضامناً إنسانيناً خصوصاً لقضينا العادلة عبر َ رسالة الأدب السامية.

التعليق

آخر الاخبار