عاجل:
مقالات 2009-08-05 03:00 641 0

سّنةُ العراق وَشيعتهُ .. في محكمة التاريخ

عندما احتلت بريطانيا العظمى العراق عام 1914، شنت العشائر العربية الشيعية وتلبية لفتاوى قياداتها الدينية ،حربا ضروس على

عندما احتلت بريطانيا العظمى العراق عام 1914، شنت العشائر العربية الشيعية وتلبية لفتاوى قياداتها الدينية ،حربا ضروس على المحتل البريطاني  قامت على اثرها ثورة العشرين الخالدة ، بينما اتخذت قيادات العرب السنية العشائرية والدينية موقف الحياد، ومن ثم التحالف مع المحتلين، وكوفئوا على ذلك الموقف الحيادي لاحقا، واسندت اليهم ادارة الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية، واصبح الوظائف والتعليم والمناصب الهامة من نصيبهم .
 وبعد ثورة 14 تموز 1958، حاول عبدالكريم قاسم تجاوز الطائفية، ومعاملة العراقيين بالتساوي في الحقوق والواجبات،على الرغم من ان الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها، تميزت انها دولة طائفية ومحكومة دائما من قبل المكون السني وكانوا التميزالطائفي ضد الشيعة واضحا ومستمرا،  فلم يسمح المنتفعون من حالات الطائفية الى فرض المساوات التي طرحها عبد الكريم قاسم ، فبرز الصراع الطائفي بشكل عنيف إزاء هذه السياسة متخفيا بغطاء القوى اليسارية والقومية والعربية.
 وأصبح سكان المحافظات الشيعية الوسطى والجنوبية أغلبهم يساريون ومؤيدون للزعيم قاسم وثورته ، بينما تبنى معظم سكان المحافظات السنية وأعلنوا العداء الى عبد الكريم قاسم  وساهموا في عملية اغتياله والقضاء على ثورته وقيادتها.
وبعد الانقلاب البعثي المتلبس بزي القومية يوم 8 شباط 1963، دافعت الجماهير في المناطق الشيعية عن ثورة 14 تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم وعانت الكثير من الاضطهاد ودفعت الكثير من الضحايا، بينما ساندت واستبشرت المحافظات السنية خيرا في الانقلاب المذكور ،وعلى الرغم من أن الانقلاب البعثي  قام  باسم الوحدة والقومية العربية، إلا إنهم  ما أن استقرت الامور قاموا في  ازاحة معارضيهم حتى تنكروا للأهداف القومية ومارسوا الطائفية بأبشع صورها كما وتم طرد البعثيون الشيعة والاكراد المتحالفون معهم .
 وفي عهد حكم البعث الثاني عام 1968، فقد تبنى هذا النظام الطائفية كأساس لبقائه، فجند معظم منتسبي مؤسساته القمعية من أبناء السنة، وأغدق عليهم بالامتيازات المادية والمناصب الحساسة، وزرع فيهم أن وجودهم مرتبط ببقاء نظامه، في الوقت الذي خص مكونات الشعب الأخرى بالقمع والحرمان والحروب والمقابر الجماعية والغازات السامة والتهجير القصري ومصادرة الممتلكات  ، وما صاحبها من ويلات ودمار على العراق واغلبية سكانه من الاكراد والشيعة، وحتى المناصب الممنوحة الى الشيعة والاكراد كانت تمنح الى اصحاب الولاء الكامل لراس الهرم. 
وعندما قامت انتفاضة أذار1991 ( الانتفاضة الشعبانية) شملت المحافظات الشيعية والكردية فقط، بينما وقفت المحافظات السنية ساكتة ومدافعة عن نظام السني المتمثل بصدام وحزب البعث. 
وبعد سقوط النظام يوم 9 نيسان 2003 استبشرت الجماهير الشيعية والكردية بسقوط الجلاد، بينما حزنت المحافظات السنيه، وبعد أسابيع أعلنت تمردها العارم  بحجة مقاومة الاحتلال واعوانة ولم تفصح عن الغرض الحقيقي لهذا التمرد المسلح والحرب الطائفية المقيته التي شنتها على غالبية الشعب العراقي وكان ولازال هدفها الخافي والمعلن هو اعادة الحكم الى حزب البعث السني.
فعندما سقط حكم البعث رفض هؤلاء أن يكونوا سواسية مع بقية أبناء الشعب، وأعلنوا معارضتهم التي وجدوا فيها نهاية لامتيازاتهم واحتكارهم للسلطة ويعتقدون بأن الشرائح الأخرى في المجتمع العراقي  مواطنون من الدرجة الثانية ولا يصلحون الا لوظائف بسيطة مثل شرطي وجندي وفراش ومنظف في الدوائر الحكومية.
 فالديمقراطية بمفهومها الواسع تعني تعامل الحكومة مع جميع المواطنين على انهم  متساوين في الحقوق والواجبات، دون استثناء وتتبنى مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، وليس على أساس العرق والمذهب، لذلك تمرد المتضررون وتحالفوا مع الإرهابيين والتكفريين والوهابيين الذين اسقدموهم من دول الاقليم وجعلوا مناطقهم حواضن للارهاب المقيت،  في حجة محاربة الاحتلال .
واصبح العراق على مفترق طرق، وعلى شفى الحرب الطائفية التي تدور رحاها من جانب واحد التحالف البعثي –الوهابي  ومعها الطائفية البغيضة ضد الابرياء والعزل من الشيعة  . إن فلول النظام السابق وحلفائهم من الزرقاويين والتكفريين لا يمكن إقناعهم بالمنطق وما يسمى بالحلول السلمية، لأنهم في حالة هستيريا وغياب تام للعقل وهم دمى اقليمية يستخدمونهم لتمرير اجندات مفضوحة بعيدا عن الولاء للوطن وقبول التنوع الديني والعرقي والمذهبي والتعايش السلمي اسوة بالشعوب المتحضرة والعمل على مبدأ الدين لله والوطن للجميع.

التعليق