عاجل:
مقالات 2009-07-06 03:00 622 0

جدلية التباين الثقافي

وضوح التباين والتقاطع في المفاهيم الثقافية عن اضدادها في الاتجاهات المعاكسة، يسلب أجندات ومناهج العمل والسياقات

وضوح التباين والتقاطع في المفاهيم الثقافية عن اضدادها في الاتجاهات المعاكسة، يسلب أجندات ومناهج العمل والسياقات العامة بما فيها طرق واساليب (التكريس من خلال التثقيف) كل اوجه التقارب او الالتقاء النظري او مما شأنه التمهيد لجمع ايديولوجيتين متضادتين وفق سياقات وحدة النمط، وان تشابه اللفظ في المفهومين احياناً مثل (الثقافة بازاء الضد) و(الضد من الثقافة) وبما ان لكل (توجه) مبناً ثقافي يدفع على ضوء تصوراته واسسه عجلة حركة ذلك التوجه ويؤمن وفقاً لابعاده خطوط مسيرة ذلك التوجه فان سلوكين متباينين بازاء بعضهما البعض يعكسان توجهين لثقافتين مختلفتين.
والتأسيس لـ(ثقافة الهامش) وتأسيس الهامشيات – وان تحرك في اطر سياسية – الا انه اكثر من ان يكون سياسة او منهجاً سياسياً يخوض منعطفاً (مرحلياً) وفقاً لتطور ازمة ما ، او لتطويق ازمة معينة، فالتأسيس للهامشيات في منطوق (ثقافة الضد) يتقابل تماماً مع (تهميش الاساسيات) في المصاديق العملية لاسس تلك الثقافة..
ولذا فان التجهيل اكثر من ان يكون (سياسة) طارئة تحاول ان تغتال الضد منها وهو (التثقيف) مقدار ما هو وضوح لوجود توجه ثقافي محدد له اجندات عمل واضحة تتبلور في مختبرات اجهزة (الانا) و(الدكتاتورية) فتنعكس باوضح الصور في الحياة السياسية والاجتماعية للامة، وقد تنجح (احياناً كثيرة) في تقزيم المد الثقافي وانحسار رقعته كلياً لبنيتها واسسها، وتهجيراً قسرياً لبقايا ثقافة الامة ومصادرة لموروثها العملاق..
اما تحجيم المثقف او مصادرة رأيه بالكامل تحت وطأة الصعود وهي صورة صارخة لاولى مراحل الاغتيال الثقافي مع سبق الاصرار والترصد تتبع مراحل اكثر بشاعة واشد اسفافاً اذا استطاعت (ثقافة الهامش) تطويع الثقافة والمثقف لخدمة المشاريع الفئوية والتسلطية وتأطيرها اشكال مشاريع قيادية (قطرية او قومية) فهو تهجين مختبري للعقلية الواعية ونجاحاً في اطفاء المضيء والمشع بخلق جيل مسوخ فكرية هدامة تتملك الادوات الفعّالة لتهديم اسس البنيوية الثقافية واطاحتها من الجذور.
وتبعاً لتباين واختلاف الرؤيتين في المناهج، تختلف وتتباين الطروحات النظرية في صياغة اسس المشاريع على المستويين النظري والعملي.. فبين صياغات (مشروع سياسي) وطني واسع يتبنى اجندة التوسع المثقف وبنيوية (الاسس الثقافية) عن (مشروع قيادي) يقابله، يعتمد ويتبنى اندات الضد من الثقافة يتجلى التباين بوضوح ومدى الفرق والتغاير في بناءات الاطروحتين تصوراً وتصديقاً.. ولا يمكن لعاقل يحكم (المنطق) كمقياس لميزان الآراء والافكار ان يقع في حبائل اللبس والتشكيك في وحدوية اجناس الاجندات على اختلافها كمقدمات، ويركن للاطمئنان بوحدة النتائج المترتبة عليهما كمشروعين متقاطعين تمام التقاطع.
ففي ثقافة الضد يقوم (المشروع القيادي) على نظرية استلاب السلطة بالاستحواذ والقوة مستعيناً بنظرية (المؤامرة) والادوات العسكرية في تحقيق (الانقلاب) وهي مقدمات تنطوي على تصور (ممارسة الغلبة) اما بالضد من منهج ممارسة الغلبة بالانقلابات الدموية او البيضاء تقف اجندات (المشروع السياسي الوطني) مرتكزة على اساس جماهيري واثق يعتقد بثقل قوة الجماهير بالاحتكام الى صناديق الرأي والاقتراع ليكرس مفهموم (التداول السلمي) للسلطة ويؤكد ثقافة (الانتخاب) كمنهج عملي يعزز صحة ودوام التداول، ويضمن حقين غريزيين مهمين في حياة المواطن وهما (الحرية) وعدم مصادرة الرأي والرأي الآخر و(تحكيم الارادة) ارادة الامة وفقاً لمنهج واضح المقدمات، مضمون النتائج، واشراكها (الامة) في تحديد الشكل والمضمون لنظام الدولة..
ويتأكد من منهجية (مرجعية الامة) وتحكيم ارادتها وفقاً للاجندة الثقافية لاختيار النظام الملائم وشكل الحكم بالاسهام الفاعل والمشاركة الحقيقية والسلمية في ادارة البلاد والثروات يتأكد صدق التوجه المثقف القائم على هذه الركيزة ومصداقيته (الهوية الوطنية)..
ولذا لا يمكننا ان نتصور ان (الجدية) في تفعيل وتقويم المشروع او المشاريع الوطنية، بانها آتية من (الفراغ) او انها قائمة على غير دعامة، بمقدار ما تؤشر بوصلة اتجاه ذلك المنهج الى السمة (الوطنية) للمشروع، وحجم قوة الدعامات والاسس القائم عليها في المواقف والستراتيجيات والاهداف كضمانات اكيدة وراسخة في تقييم وتقويم المسارات للاداء الرسمي ومدى مشروعيته.

التعليق