ولعل المنصف من الناس يؤيد كلامي ويقف إلى جانبي فمنذ أن فتح العرب عيونهم على الدنيا وجدوا صراعا وقحا بين الحكام فالحاكم العربي لم يلتفت إلاّ إلى مصالحه الشخصية والعائلية بل في كثير من الأحيان لا يهتم الحاكم حتى بشعبه كما يحدث وحدث في كثير من البلدان العربية فقد ضاعت بلاد عربية بسبب غباء حكامها وتهورهم في إدارة دولهم فكيف لهذا الحاكم أن يشترك في مشروع عربي موحد يحفظ كرامة الأمة التي أهينت بسبب تخبط حكامها وجهل بعض شعوبها وهو لم ينصف شعبه!! حتى وصلت المشاكل والنزاعات بين الشعوب نفسها هذا مصري وذاك عراقي وهذا خليجي وهلم جرا فقد وضعت مقاييس لهذه الشعوب نقبل بهذا أو ذاك أو نرفضه بسبب جنسيته التي يحملها وأنا ادعوا أي عربي ليتوجه الآن إلى أي سفارة من سفارات الوطن العربي المزعوم!!! ليطلب منهم فيزة زيارة أو مرور كي يدخل إلى بلدهم فسوف يرى الرفض والطرد والهش والنش ويرى في المقابل كيف يدخل الأجنبي إلى أي بلد عربي ويأخذ فيزته في المطار معززا مكرما وخوش امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وخوش تعامل مع شعوبنا العربية وابقوا كذبوا على الشعوب بهذه الشعارات الرخيصة المريضة!!! ومن هنا قطعوا أواصر الاتصال واللقاء بين الشعوب العربية ولعلي أقف عند أهم نقطة وقضية أشغلت العالم العربي وهي قضية فلسطين فقد سجل العرب إخفاقا وفشلا ذريعا في استرجاع فلسطين لأهلها فبدل أن نحرر القدس ذهب بعضهم إلى احتلال دولة الكويت وحدث بسبب هذا العمل الهمجي أن احتلت العراق وبسبب الاحتلال دخل العراق في المشاكل الطائفية والسياسية وضياع الثروات إذن غياب كامل للمشروع العربي حتى الذين يظهرون على التلفاز ويتكلون بشعارات فارغة ( امة عربية واحدة) فهو يتكلم من الدنمارك أو بريطانيا أو غيرها من دول أوربا لأنه حينما كان معارضا لم تستقبله أي دولة عربية بل أن الدول العربية كانت تسلم المعارضين إلى حكوماتهم كي يُشنقوا كما كان يُفعل في الكويت مع العراقيين حينما كانت السلطات الكويتية تتعاون مع مخابرات النظام السابق في العراق بتسليم المعارضين وزجهم في السجون وتسهيل تعليقهم في أعمدة المشانق
أذن غياب كامل لمشروعنا العربي الموحد اعتقد أن الفاصل بيننا وبين نجاح المشروع العربي هو رجوعنا إلى الإسلام بعد أن نستبعد عنه الشوائب والآفات ليرجع إسلاما كما أراده الله ورسوله فنحن عزتنا بالإسلام وكرامتنا بإتباع سيد ولد عدنان عليه من الله أفضل الصلاة والسلام فقد قال سيدنا عمر ( رضي الله عنه ) كلمة خالدة سجلها التاريخ بأحرف من نور حين قال كنا أذلاء، فأعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله وقد ابتغت دول العرب وحكامها العزة بغير الإسلام وهذا هو حالنا تفرق وفتن ونزعات ومعارك وجهل وضياع ومن الضروري مادمنا نتحدث عن الإسلام الصحيح أن نسمع أيضا إلى سيدنا جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه وأرضاه) ليعط وصفا واضحا لحال الأمة فحينما هاجر إلى الحبشة مع مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقد قال كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم ، والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام هذا هو الوصف الصحيح لأمة العرب قبل الإسلام وبعده فلقد كان العرب بدخولهم الإسلام رواد الحضارة في العالم كله وقد أشار باحثون إلى أن ضعف النظام التربوي هو من الأسباب الجوهرية لضعف المشروع العربي اليوم فالعرب يحتلون مؤخرة الترتيب فيما يخص التعليم مقارنة بمعظم دول العالم وهذه خُطِط لها من قبل حكامنا الذين يرغبون ببقاء المواطن العربي جاهلا حتى لا يفهم الحياة حوله بل لا يفهم أي شيء ولذلك اقترح خطوات عملية علمية لأجل أن ننهض بمشروعنا العربي فمن أهم الخطوات أن نعلم المجتمع العربي القيم الأخلاقية وذلك بتعليمه الإسلام وتدريسه العلوم المختلفة كالتكنولوجيا وعلوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة واللغات والثقافة الأجنبية التي تصب في مصلحة شعوبنا وان ننشط العقل العربي الذي يعاني من سبات قاتل وهذا يدفعنا إلى أن نحث الشباب على التدريب واكتساب المهارات وإعدادهم للعمل مستقبلا وان نتحدث للشباب مباشرة ونحذرهم من الانخراط في ركب موجة الخلافات المذهبية والتاريخية والتي لم يجدوا منها نفعا فاليوم معظم شبابنا انشغلوا بهذه الخلافات وتركوا مشروعنا العلمي الثقافي الذي يقدم الخدمة إلى بني الإنسان نعم لابد لهذه المتغيرات وسقوط الحكام العرب واحدا بعد الآخر أن ينهض الشباب كي يعرفوا أنفسهم أين هم من إخوانهم العرب وأين المشروع العربي أما أننا نبق في الهرج والمرج والتحذير من المشاريع الأجنبية وغيرها فهذا لن يجعلنا عمليّن في حياتنا ليس أمامنا إلا العلم والعمل والثقافة والاطلاع على تجارب الآخر حتى لو كان الآخر يختلف معي في الدين أو المعتقد المهم أن لا أكون ميتا وأنا حي وعاطلا عن العمل والعمل بين يدي حرصي عليكم يا شباب الأمة وشباب العراق هو الذي يدفعني لهذا الحديث واحذروا أن تكونوا وقودا للمشاريع الخاسرة التي لم يستفد منها شباب الأمة شيء لقد ثبت بالدليل القاطع الذي لا يقبل الشك فشل وموت المشروع العربي وعلى المثقف العربي أن ينهض بمهمته نحو الإصلاح والتغيير ورفض الاستعباد من قبل الحكام مهما كان هذا الحاكم وخاصة في العراق فالحاكم يأتي بصوتك ويذهب بصوتك لقد ذهبت أيام تلميع صورة الحكّام وحلت محلها النقد البناء لسلطان الأمة وما هذه المظاهرات التي تجوب عالمنا العربي إلا بسبب وجود ذلك الوعي.
الشيخ الدكتور خالد عبد الوهاب الملا
عضو التحالف الوطني
رئيس جماعة علماء العراق في الجنوب