عاجل:
مقالات 2009-07-18 03:00 817 0

الكنائس.. غارات الجاهلية الجديدة

لا احسب ان الذين اغاروا على الكنائس العراقية الست، قبل ايام، بالمتفجرات والعبوات والسيارات المفخخة يجهلون ماذا تعني

لا احسب ان الذين اغاروا على الكنائس العراقية الست، قبل ايام، بالمتفجرات والعبوات والسيارات المفخخة يجهلون ماذا تعني فعلتهم الشنعاء، حتى وان كانوا ادوات صماء حشوها بنشارة الخشب والرطانة ونفايات التكفير، فلم تكن هذه “الغزوة المباركة” سوى فاصلة واحدة، واخرى، في سلسلة الغزوات لدك الكنائس العراقية وقتل اتباعها المسيحيين العراقيين مسجلة باسم “المقاومة” والمشروع الارهابي في العراق.
كما لا احسب ان هذا العمل الاجرامي الاستفزازي قد فاجأ اولئك الذي كانوا يتابعون، بالقراءة والتحليل، خارطة سير التفجيرات في موجتها الجديدة، منذ نيسان هذا العام ، من بطحاء الناصرية حتى تلعفر الموصل مرورا بمدينة الثورة واحياء الشعب والشعلة والكسرة والرشيد والكاظمية في بغداد وبلدة تازة وحي الشورجة في كركوك، فقد تضمنت رسائل فصيحة في العزم على تأثيث الطريق الى حرب اهلية تفرّغ العراق من سكانه.
وطبعا لا يبعث على الحيرة حقد اجيال واجناس الارهابيين على الكنائس، ليس فقط لانها نأت بنفسها، منذ زمن بعيد، عن شأن السياسة والصراع على السلطة والنفوذ وكفت عن ان تكون اداة بيد المتصارعين، بل وايضا لانها تبنت وتتبنى خيار التسامح والحوار ونبذ الكراهية والعنف، فكيف اذا كان المغيرون قد اعلنوا الحرب على العالم وعلى السلام والتسامح والمحبة.
وليس الضيق من جدران الكنائس ومن اتباعها غريبا بالنسبة لجراد الجاهلية الجديد الذي يهب على العالم والعراق باسم الكفاح الديني المسلح طالما ان تلك الكنائس تزدحم باجنحة ملائكةالسلام، وايقونات وصور عن طقوس الرحمة، وكتابات تحمل البشائر وتحض على تنقية النفوس من الكراهية والتعصب.
على ان الغارة الجاهلية تفتح الآن، في النسف المبرمج للكنائس العراقية الامنة، صفحة جديدة من الخطة الاجرامية الارهابية لحمل اصحاب الارض على الجلاء عنها بالقوة والقتل والتهديد، وقبل ذلك لمحو علامات التاريخ الاعتراضية التي تؤسس الحقوق والشراكة والتعايش بين الاقوام والملل، وفي هذا، لم يكن تفجير الكنائس غير فاصلة في مشروع تحويل العراق الى غابة تحرسها احقاد محشوة في دشاديش قصيرة ورؤوس مهووسة بالعداء للمدنية.
على ان “مهمة” اصحاب هذا المشروع عسيرة وشاقة لانها بحاجة الى عصر جديد يسمح بمرور هذا العارض الانكفائي العدواني الهمجي، وبحاجة الى جيوش جرارة لاقتحام كنائس لاذت بالاقاصي الجبلية في مدارات دهوك امتدادا حتى اخيضر كربلاء الذي يضم اثارا لجدران كنيسة قديمة عليها رسومات مسيحية وكتابات آرامية تعود إلى عصر ما قبل الاسلام.
آنذاك سنحتاج الى خيام على عدد العراقيين الذين لم يهلكوا.
ـــــــــــــــ
كلام مفيد:
"ولا تدعوا الخصام يجوز حداً بحيث يعود رخصاً وابتذالا”.
                              الجواهري

التعليق

آخر الاخبار