عاجل:
مقالات 2009-07-08 03:00 560 0

الفنان بين جحيم الوعي وعدم الادراك

الفن لغة.. والفنان في اي مجال فني رساماً كان ام نحاةً شاعراً كان ام ممثلاً انما هو لسان يتقن التحدث بهذه اللغة (لغة الفن)، الكثير من المتعلمين

الفن لغة.. والفنان في اي مجال فني رساماً كان ام نحاةً شاعراً كان ام ممثلاً انما هو لسان يتقن التحدث بهذه اللغة (لغة الفن)، الكثير من المتعلمين يمارسون الكتابة (بالقلم) ولكن القليل منهم يستطيع ان يبعث روحاً ناطقة ومعبرة في حروفه، وتكون الانامل بواعث تحريك الابعاد الروحية والنفسية والعاطفية لدى بني البشر...
الفنان (بنّاء) ماهر لانه يتمكن من ايجاد عالم خاص به الى جانب العالم الذي يعيش فيه الاخرون.. عالم بناه في خياله.. ولذلك يختلف الفنان في روحه عن الاخرين ( لا في جسده) والهيكل الروحي للفنان يرتبط بما يفتقده سائر الناس (الحلقة) التي تربط بين الموهبة كاداة، والروح كوسيط، يجعلان من الفنان وحدة متناغمة يتجاوب من خلالها مع ما حوله ومع ما يرى وما لا يراه الناس..
وكم ينجح الفنان في (التشخيص) وقراءة الآخر ، الا انه يقف مكتوف اليدين امام تدهور المسارات الاجتماعية وعدم القدرة على تحويلها الى مسرات تسهم في تحول بنيوي سليم يخدم التغيير لدى الآخر.. فيتحول الوعي (الادراك) والاحساس لدى الفنان الى جحيم يحرق الذات، ومنبعاً من منابع الالم (او صرخة مؤجلة التنفيذ) تنتظر مناسبة لتستحيل فعلاً.. ومن ذلك الاتحاد بين عالمي الواقع والخيال، وما هو عليه العالم، وما يجب ان يكون.. تنطلق الخلاقية والابداع لدى الفنان.. ليضيف ما يراه في عالمه الواسع الافق الى ما لا يراه الاخرون في عالم الواقع (المحدد).. جماليات تخضع دقائق الخيال لمشيئة الواقع مختومة بخاتم الفنان ذاته، فنجد في كل زاوية فنية للوحة او لمقطع شعري.. جناحين رقيقين يسهمان في تحرير مقاطع الصمت في صومعة الفنان الى قلوب الناس دفئاً وحناناً..
الفن لا يتساهل مع ما هو قائم، ولكن يتصالح مع بعضه، ظناً بالقدرة على التغيير.. والفنان الحقيقي – في اي مجال – لا يرتضي كل ما في عالمنا من مناظر، لانه يستمد الصور من المشاهدات الوجدانية الاوسع في (صالة خياله) مؤطرة بالغموض، والاسرار والخلود.. وبوضوح اكثر مما يراها سواه، وهذه المناظر والمشاهدات اكثر وضوحاً في المساء منها في النهار كونها اجزاء تلملمها روحه هو، ويشعرها كما تشعره بالسعادة الغامرة عندما يتمم تركيب اجزائها في مخيلته الواسعة في (خلوة الروح) مساءً، ولذا كانت كل الاعمال والنتاجات الفنية للادباء والشعراء والرسامين مرايا تعكس صورة الروح لديهم، فالفنان جزء من نتاجه ونتاجه جزء من روحه، ولا يمكن ان يفترقان ذاتاً وانعكاساً، كونه يضع صورةً لنفسه في زاوية من زوايا النتاج الادبي، ولا تتأثر تداعيات الصور الفنية الا بمقدار تأثيرها الفني على ذات الفنان سلباً وايجاباً ، هواجساً وارهاصات يعيشها الفنان فكرياً فيتخيلها احياناً طوفان من ألم... او نسمة من جنان.. او تأجج في خوامل العاطفة.

التعليق