عاجل:
مقالات 2009-09-16 03:00 673 0

العيد فرصة طيبة لمراجعة الذات

قال عيسى بن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) 114- المائده.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال عيسى بن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) 114- المائده
العيد أسم جليل جعله الله في كل الأديان السماوية ملتقى للخير والمحبة وصفاء النفوس وغسل القلوب من أدران الحياة الدنيا ومراجعة الأخطاء التي تقع فيها النفس البشرية لكي يرفعها الله ألى كلمة أنسان بكل مالهذه الكلمة من جلال وقدسية واحترام عند بارئها الذي سبحانه أرادها أن تكون خليفة في الأرض . والأعتراف بالخطأ فضيلة كبرى لهذا الأنسان والتائب عن الذنب كمن لاذنب له كما يقول رسول الأنسانية الأعظم محمد ص .وأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما قال رسول رب العالمين محمد ص ولابد أن يظهر الجانب المضيئ من النفس البشرية في مناسبة العيد لكي تراجع وتتأمل على مابدر منها وتصلح مافسد فيها . ولابد أن يبدأ منها لأصلاح المجتمع وبث روح المحبة والمودة والتآلف بين الجميع لكي يكون هذا المجتمع سليما قويا معافى من كل الأمراض الأجتماعية التي تجعله ضعيفا متشتتا أمام العواصف والمحن تسود بين أفراده العداوات والبغضاء بالتالي يكون فريسة سهلة و عرضة لأندساس الأعداء بين ظهرانيه لتحقيق رغباتهم الجهنمية في تمزيق لحمته .
وفي أعيادنا الدينية نحن المسلمين نعيش الماضي والحاضر والمستقبل فنتذكر كيف كان المسلمون الأوائل كالبنيان المرصوص خلف رسولهم العظيم ص يحتفلون معه ويحتفل معهم ص و يتبادلون التهاني وكلمات المحبة الصادقة بقلوب مفعمة بالأيمان ويؤمنون بالقيم العليا لأعيادهم التي كرمها الله وجعلها محطات للأنطلاق نحو عالم موحد متآلف يتواصى بالمرحمة والتكافل وينبذ الضغائن التي تهدم كيان الفرد و الأسرة والمجتمع . فالمسلم مسؤول أمام الله وأمام نفسه ومجتمعه للقيام بدور أيجابي نابع من العقيدة التي يؤمن بها وخاصة أذا كان هذا المسلم أو من أي دين كان يتبوأ مركز المسؤوليه أو سياسي يحاول الوصول ألى قيادة مجتمعه في ظرف من الظروف وقد جعل الله أعيادنا بمثابة هدية وتاج من الخالق العظيم مظللة بشآبيب التعاطف الأنساني الصادق بعد شهر العبادة والمناجاة مع الله الواحد الأحد في رمضان الخير والعطاء ليشيع جو الأمان والأطمئنان بين أفراد المجتمع ويجعل الأنسان مرتفعا بسلوكه فوق كل الأمراض الأجتماعية التي لايحصد منها مجتمعنا سوى الخيبة و القنوط والتمزق وأذا نجح الأنسان في مسؤوليته وتعامل بصدق مع مجتمعه وسلك السلوك القويم في تهذيب نفسه ومحاسبتها على الأخطاء التي وقعت فيها كان حري بهذا الأنسان أن يكون عضوا نافعا ومفيدا في مجتمعه ولبنة صالحة في بناء المجتمع بناء قويا لاينفذ أليه الأعداء مهما بلغ مكرهم ودهاؤهم والأساليب الغادرة التي يسلكونها في تدمير بنية المجتمع .
أن العراق اليوم يعيش في مفترق طرق ويتربص به أعداء غادرون كثيرون وصلوا ألى الدرك الأسفل من الأنحطاط والوحشية والجرائم الشنعاء التي يرتكبونها بحق الأبرياء شاهدة عليهم وعلى أفعالهم المنكرة الوضيعة ومجتمع يتعرض ألى هذه الهجمة الأجرامية الشرسة لابد أن يتنادى المخلصون من أبنائه لتوحيد الكلمة ضد هذا العدوان الهمجي الصارخ وأن تكون أصوات المسؤولين فيه بعيدة عن المصالح الشخصية والحسابات الأنتخابية وهو بحاجة ألى الأفكار النيرة والقلوب الصافية والسواعد العاملة بأخلاص وتفان لكي ينهض من كبوته التي طالت وتلتئم جراحه وينهض نهضة شاملة في جميع الميادين العلمية والأجتماعية والأقتصادية وبث روح الأخوة الصادقة بين أفراده وهذا لايأتي بسهولة أذا لم ينتصر بعض السياسيين على نوازعهم الطائفية والعنصرية والمصالح الشخصية الضيقة والمماحكات السياسية السيئة العقيمة وتسقيط الآخرين وتهميشهم لغرض الوصول ألى غاياتهم الأنانية الفردية و التي ستقود المجتمع ألى المزيد من التدهور والتمزق والتشتت وتساعد وتشجع الأعداء على ارتكاب المزيد والمزيد من الجرائم المنكرة بحق الأبرياء ولابد لكل أنسان مدرك لخطورة المرحلة وصادق مع نفسه ومجتمعه أن يكون مخلصا في مساعيه لآنتشال المجتمع من وهدة البؤس والضياع والأرتقاء به نحو عالم تسود فيه القيم الأنسانية الفضلى وقد قال رسول الله ص ( من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم . ومن سمع رجلا ينادي ياللمسلمين ولم يجبه فليس بمسلم . ) وما أكثر المستغيثين اليوم في عراقنا الجريح من أرامل وأيتام ومهجرين فقدوا أعزائهم وأحبابهم وفقدوا كل متاع الدنيا وهم على قارعة الطريق لايغيثهم أحد من كبار القوم الغارقين في دعاياتهم الأنتخابية والذين لايقدمون سوى أقوالا جوفاء لاتغني ولا تسمن من جوع في فضائيات أعدت لهذا الغرض وكمواطن عراقي لايمكنني أن أصدق شخصا يلهج مليون مرة باسم الشعب العراقي ويذرف دموع التماسيح يوميا ولا يقدم شيئا ملموسا لمجتمعه ويغيب عن مجلس النواب ليعرقل أقرار القوانين والأنظمة التي لها مساس مباشر بحياة الناس والله يرى من فوق سماواته و لايكون ألا مع المخلصين الأوفياء الشرفاء الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وليس مع الذين تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ويتقنون الكلام المعسول البعيد عن الصدق في تحسس آلام وآمال الفقراء والمنكوبين والمستضعفين من أبناء الشعب .أن السياسيين الذين يبسطون ألسنتهم بالسوء في الفضائيات التي تبحث عنهم وتستضيفهم لكي يصلوا ألى أهدافهم الشخصية والذين يتمادون في أخطائهم أكثر فأكثر كل يوم حري بهم أن يراجعوا أنفسهم في وقفة العيد التي جعلها الله فرصة للمراجعة والحساب المنطلقة من الذات ولتنظر كل نفس ماقدمت لغد وعليهم أن يتقوا الله في شعبهم الذي عانى طويلا من الظلم والأضطهاد والحرمان وعليهم أن يكونوا بمستوى المسؤولية الأخلاقية تجاه مجتمعهم وشعبهم بسم الله الرحمن الرحيم ويوفوا بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم ولا يكونوا أبواقا لأجندات دول توجههم من الخارج وقد قال الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم : ( وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسؤولا ) 34- الأسراء
وعندما تنطلق التسابيح من المساجد في أشراقة العيد لابد لكل نفس بشرية ظامئة ألى المعرفة والطريق المستقيم الذي لاعوج فيه أين هي الآن من نداء الرحمن وماذا قدمت وماذا ستقدم في المستقبل وماهي الطرق الصائبة للأنخراط في المسيرة الأنسانية الخيرة لأصلاح ذات البين ومداواة الجراح ونبذ الأنانيات والعودة ألى الجذور الحقيقية لقيمنا الأصيلة قيم الأسلام التي جاءت لخدمة المسيرة الأنسانية بعيدا عن التعنصر والتقوقع وراء العصبيات الذميمة التي يستهجنها كل أنسان حر شريف عرف طريقه الصائب الذي أراده الله له .
يقول الأمام علي ع ( مامن يوم يمر على ابن آدم ألا قال له أنا يوم جديد . وأنا عليك شهيد . فقل في خيرا واعمل في خيرا وأنك لن تراني بعد هذا أبدا ) نهج البلاغه . وهذا العيد الجليل عيد الفطر المبارك يأتينا في كل عام مرة فلنفطر فيه على الكلمة الطيبة الهادفة والعمل الأنساني المخلص الجاد والخلاق الذي ينتظره المجتمع من كل الصادقين مع أنفسهم ومع ربهم ومع مجتمعهم والذين يحاسبون أنفسهم دوما ولا يغفلون عن أخطائهم بل يستفيدون منها ليقوموها والتراجع عن الخطأ فضيلة وليس مثلبة أبدا . والله جلت قدرته يراقب ولن يضيع أجر من أحسن عملا أبدا بسم الله الرحمن الرحيم : ( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها . ) -9-10 –الشمس . أن العراق اليوم بحاجة ماسة ألى النفوس الخيرة النبيلة اللوامة البعيدة عن الصغائر والأثارات والنعرات الطائفية والعنصرية المقيتة فتلك النفس هي النفس الصالحة التي تسعى بكل ماأوتيت من قوة وجهد ألى الصلاح والأصلاح في مجتمعاتها ومع ذاتها أولا في زمن المحنة وفي غير المحنه أنها تلك النفس التي أقسم الله بعمقها الأنساني المشرق وقال بحقها ( لاأقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ) وهذه ال( لا) هي لام القسم الألهي الذي كرم تلك النفوس الخيرة المترفعة عن الضغائن وحري بكل نفس بشرية ساعية ألى قيم الخير والمحبة والعطاء في العراق أن تسلك هذا الطريق وتجعل من العيد منطلقا نحو العمل الخلاق فهل سيدرك من سار على الدرب المعاكس لهذا الدرب القويم ذلك ؟؟ أتمنى أن يهدي الخالق العظيم كل النفوس التواقة الظامئة ألى سلوك طريق القيم الأنسانية الفضلى البعيدة عن هوى النفس وأغراآتها الكثيره في هذا الزمن . أعاد الله هذا العيد وكل الأعياد وشعبنا العراقي الجريح قد تخطى المحنه وانتقل ألى شاطئ الأمن والأمان والتقدم بجهود أبنائه الخيرين . والله من وراء القصد .

التعليق