عاجل:
مقالات 2023-12-03 15:12 515 0

السيد عبد الهادي الحكيم وقصة قصيدته عن فاطمة الزهراء

السيد عبد الهادي الحكيم يروي قصة قصيدته عن السيدة الزهراء عليها السلام.

المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

 حين نظمت قصيدتي في سيدتي الزهراء عليها السلام في سجن ابي غريب صدام خلال مدة سجننا السياسي (١٩٨٣ – ١٩٩١ م ) كانت لدي ولدى اسرتي مواجهة دورية.

يومها خبرني ولدي يسار بأن احد المعارف يعقد مجلسا للسيدة الزهراء (ع) هذه الليلة متحديا بذلك الظلاميين من مانعي المجالس.

تهريب القصيدة!

فنسخت القصيدة على ورقة سجائر لعدم وجود ورقة في السجن أكتب عليها قصيدتي، وبقلم رصاص مهرب، ثم قلت ليسار: إذهب إلى الشيخ مباشرة، وقل له يقرأ هذه القصيدة ما امكنه ذلك في مجلسه الليلة، ولا ينسبها لي لخطورة كوني من آل الحكيم الذين كانوا حينها يرزحون بظلامة السجون بالعشرات، ولأني أيضا قابع في سجن ظلامي وأثقف إسلاميا من داخل زنازينه لخارج القفص عبر تهريب الشعر ليقرأ في المجالس، ولكون يسار قد هرب قصيدة ممنوعة من بين أعين الحراس والرقباء زمن جمهورية الخوف، وغيرها وغيرها!

ذهب يسار من ابي غريب الى النجف مباشرة، وأعطى القصيدة للشيخ، وقال له ما طلبت منه قوله.

فقال له الشيخ: نعم سأفعل ان شاء الله.

وفي المساء حضر يسار المجلس فصعد الشيخ المنبر وقال:

– سأتلو عليكم هذه الليلة الحزينة في هذا المجلس الفاطمي قصيدة حزينة أقدم لها بقصة.

أما القصة فقد جاءني أخي عصر هذا اليوم وكان وقد آفاق لتوه من حلم غريب، نقله لي قائلا:

– كأني رأيت السيد عبد الهادي قد جاء إلى مجلسنا وصلى ركعتين وخرج.

فقال الشيخ الخطيب لأخيه:

– نعم انه جاء وصلى وخرج.

فاستغرب الاخ من دعوى أخيه الشيخ.

– نعم؟ ماذا قلت..؟ ماذا..؟

كيف جاء عبد الهادي الى بيتنا وصلى ركعتين وخرج وهو يرزح في قفص سياسي مظلم في زنزانة من زنازين ابي غريب صدام؟

– نعم جاء وصلى ركعتين وخرج. وستعرف ذلك في المجلس هذه الليلة.

وحين حان وقت المجلس بعد الغروب حكى الشيخ القصة على المنبر، وألقى القصيدة بعدها من قول الامام علي (ع):

ألا ايها الموت الذي ليس تاركي      ارحني فقد افنيت كل خليل

الى اخر ما نسجته على منوالها، فكان لها صدى واسعا مؤثرا، ما دعا العالم الزاهد سماحة الشيخ صادق القاموسي (قدس) أن يضغط على الشيخ ليعرف من هو قائلها.

ثم ليطلبها منه لتقرأ في مجلسه هو أيضا، ومجلس غيره كذلك. وهو ما كان.

مفاتيح القصيدة

من كلام لأمير المؤمنين (ع) بعد دفن الصديقة الزهراء (ع):

“السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك، قلَّ يا رسول الله عن صفيك صبري، ورقَّ عنها تجلدي.. فإنا لله وإنا إليه راجعون فلقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة، أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال، هذا ولم يطل العهد ولم يخل منك الذكر..”.

قال عليه السلام البيتين التاليين، مؤبنا.

وأنسج على منواله، مستنطقا مضامينه وألفاظه في تأبينه المتقدم للزهراء(ع)، وموظفا بين قوسين () مفرداته (ع) في رثائها، وكذلك صفاتها كما رواها المؤرخون.

قال الامام علي (ع):

أَلا أيُّهَا المَوتُ الذَّيْ لَيسَ تَارِكي أَرِحْنِي فَقَدْ أَفْنَيْتَ كلَّ خَليلِ

أَراكَ خَبيراً بالذَّينَ أحِبُّهُم كأنَّكَ تَسْعَى نَحْوَهُمْ بِدليلِ

وانسج على منواله فأقول بعد بيتيه (ع):

كأنَّكَ جَاثٍ فَوقَ صَدْريَ موَكَّلٌ بِجَذِّ فُروعِي وَاجْتِثاثِ أصُولي

تراقِبُها حَتَّى إِذا ما تَشابكَتْ بِدَلٍّ غصونِي بَعْدَ طولِ محُولِ

وأزهَرَ عودٌ واسْتطالَتْ فَسَائِلٌ وظَلَّلَتِ القَفْرَ اليَبابَ نَخيلِي

هَوَيْتَ عَلى قَلْبِي تُبَضِّعُ حُبَّهُ بِسَيفٍ رَقيقِ الشَّفْرتَينِ صَقيلِ

أَيا مَوتُ ما أَشْجاكَ لاهبُ أَضْلِعي وَحِرُقَةُ آهاتي وَطولُ ذهُولي..؟!

خَطَفْتَ حَبيبي “أَحْمداً” ثمَّ عدْتَ ليْ “لِتَخْتَلِسَ الزَّهْراء” بَعدَ قَليلِ

وَكُنتُ “إِذا ما اشْتقْتُ رؤيةَ أَحمدٍ” وَتاقتْ إِلى الوصْلِ الحَبيبِ طلُولي

“أرَتْنيهِ” فِيْ تَبْتيلِها وَخُشُوعِها و”أَذْكَََرَنيْ تَرْتِيلُهَا بِخَليلِي”

فَضُمَّ أَبا الزَّهْراءِ “بَضْعتكَ” الَّتي أَتَتْكَ مَشُوباً غصْنُها بِذُبولِ

وَ”سَلْهَا” تجِبْكَ الآهُ عَنْ كلِ صَرخَةٍ مكبَّلةٍ أَوْ كمَّةٍ لِعويلِ

وَألْحِفْ فَكَمْ منْ لاعجٍ بِفؤادِها خَبيءٍ وَكَمْ مِنْ حرقةٍ وغَليلِ

وَعُدَّ أَبا الزَّهْراءِ أَضْلاعَ صَدْرِها وَأرْفِقْ فَمكْسورٌ بِجَنْبِ عَليلِ

وأَمْرِرْ عَلى المَتْنَينِ كَفَّيكَ وَالْتَمِسْ مَرَارةَ حِقْدٍ أَسْوَدٍ وذحُولِ

وَأَطْفِيءْ بِعَيْنيها تَلَهُبَّ جَمْرةٍ بِطِيبٍ مِنْ الثَّغْرِ الرَّحِيمِ جَميلِ

التعليق