عاجل:
مقالات 2011-04-13 03:00 565 0

السيد الشهيد محمد باقر الصدر مؤسس دولة الحق

في جميع مراحل التاريخ تمر على العالم موجة من الأفكار تخالف سابقتها ، يتغير التاريخ حسب هذه الأفكار وتعتبر نقطة انطلاق ، تبدأ أجيل جديدة

في جميع مراحل التاريخ تمر على العالم موجة من الأفكار تخالف سابقتها ، يتغير التاريخ حسب هذه الأفكار وتعتبر نقطة انطلاق ، تبدأ أجيل جديدة تستقي منهل هذا الفكر وتناقله جيل بعد جيل حتى تأتي نظرية جديدة قد تنهي سابقتها إذا احتوت النظرية السابقة على بعض العيوب أو الثغرات .
اجتاح العالم في القرن الماضي أفكار عديدة لمنظرين عظام حاول أن يؤسسوا مجتمع متكامل تتب فيه روح التعاون وقوانين إذا ساروا عليها سوف تحقق لهم النجاح في حياتهم اليومية ، العالم في القرن الماضي بسبب الحروب الدمار الذي أصابهم احتاج إلى نظريتين ، نظرية اجتماعية يعيش فيه المجتمع بسلام ، ونظرية اقتصادية تنقذ العالم من الفقر وإدارة الأعمال الاقتصادية .
ظهر الفكر الشيوعي والفكر الرأسمالي والفكر العلماني بدأت بلدانا العربية والإسلامية تتهافت على إحدى هذه الأنظمة لأنها أنظمة عالمية لا يمكن أن تخطى وخصوص بعدما ظهرت في بلدان ارتقت إلى أعلى المستويات من التطور والعلم فالشيوعية المتمثلة بروسيا والرأسمالية المتمثلة بأمريكا وهذه البلدان لا يمكن أن تتبع نظام قد يترك ثغره أو خطى حتى ولو كان بسيط .
ظهر رجل دين من العراق وقال لهم أن أنظمتكم غير ناجحة وعليكم أتباع نظام جديد يسمى ( النظرية الإسلامية ) ، صدم العالم من هذا الرجل كيف يجرئ رجل عربي أن يطعن بنظام عالمي متبع في أعظم الدول في العالم .
انه السيد محمد باقر ابن السيد حيدر ابن السيد إسماعيل الصدر ألكاظمي الموسوي ، هذا الرجل الفيلسوف ، والمنظر ، والمجاهد .
أن الذي يطلع على كتب محمد باقر الصدر يجد من الخجل أن يكتب عن هذا الرجل مقال يمكن أن يحتويه ، عندما تكتب عن عملاق الفكر وعملاق الجهاد لابد أن تظلمه لذا سوف نحاول معرفه شخصية الصدر بدون أن ندخل في عمقها لأنها كالبحر لا يمكن تعد قطراته .
ابتدأ السيد الصدر دراسته في الكاظمية وهو في سن العاشرة حصل على درجة الاجتهاد في أواخر العقد الثاني من عمرة .
اخذ السيد الشهيد على نفسه نوع جديد من محاربه القوى الخارجية والفكر الاستعماري ، والتصدي الفلسفي والفكري والذي كان آنذاك سلاح الحرب الجديد ، فالأفكار الهدامة والتيارات التي لعبت بالأمة الإسلامية كانت لا يمكن صدها ، قلما نجد شخصية تمتلك القدرة في الوقوف أمام المد الغربي من الجانب الفكري والإغراءات التي يقدمها هذا الفكر إلى الشباب العربي .
العراق ظهر في الخمسينات حركات متعددة تركز على حرب المعتقدات المتمثلة بالحركات الشيوعية التي حاول بجميع طاقاتها نزع الدين من قلب الأمة ، والاعتقاد بالماديات ومنها نبع (كل شي لا تراه لا تصدقه لأنه غير حقيقي ) .
لا يخفى على احد نجاح الفكر الشيوعي في العراق وخصوصا في الخمسينيات ، حتى أن الشباب كان من اشد المنجرفين إلى هذا التيار الذي حسب اعتقادهم سوف يخلصهم من الخرافات الدينية ويحررهم من القيود الاجتماعية ، وهنا ظهر مبارز يحمل الدليل في يده ويمتطي العلم الإسلامي ولكن بحله جديدة وحسب ما يقتضي الأمر .
ولكن هذه المرة وبسبب قوة الفكر الشيوعي في العراق رفضوا أي نوع من المناقشة إلى أذا كانت مناقشة مادية تعتمد على حالات المادة في تبيان الأدلة والحجج ، ما عجز عنه علماء كبار في جميع الطوائف الإسلامية ولكن السيد محمد باقر الصدر وافق واعد لهم كتاب اسماه ( الأسس المنطقية للاستقراء ) الذي كان بالنسبة إلى الشيوعيين الذين اطلعوا علية صدمة كبرى يقول في كتابه ( أنني أقمت البراهين في هذا الكتاب بما لو قراه المادي للأمن بالله وبالعلوم الطبيعية معاً أو كفر بها معاً وأغلقت وجه الكفر باب الخضوع إلى للعلم والتمرد على الله سبحانه ) .
وهنا رجع العالم إلى رشده من جديد وأصبح يفكر بالله من الجوانب المادية والمعنوية معاً بعدما كان الدين يأخذ بالجانب المعنوي وما يضعف أصحابه إمام الفكر الغربي والأدلة المالية التي يأتون بها .
كان السيد الشهيد يؤسس إلى دولة إسلامية تقوم على الأنظمة والتعاليم القرآنية ، يحترم فيها الإنسان لإنسانيته وليس على أساس طائفي أو قومي ، بدء المرحلة الأولى من ثورته في التنظير حيث لا يمكن للقائد أن يقاتل بدون خطة يحارب بها ، اخذ على عاتقة احتياجات الدولة المتكاملة في ذلك الزمان .
ألف السيد الصدر العديد من المؤلفات وكانت جميعها عبارة عن بحوث علمية وموضوعية عميقة تناقش الفكر الماركسي والديالكتيكية ودحض هذه الأفكار بطريقة علمية رصينة ومن أهم مؤلفاته :
1- فدك في التاريخ .
2- فلسفتنا .
3- اقتصادنا .
4- المدرسة الإسلامية .
5- البنك اللاربوي في الإسلام .
6- بحث حول المهدي .
وغيرها حيث ألف السيد الصدر أكثر من ثلاثين كتاب تناول فيها القضايا الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية وتفسير القران .
وبعد نجاح الثورة في إيران اخذ البعث الكافر في العراق يتخوف من إعادة التجربة في العراق كما تتخوف اليوم السعودية من ثورة البحرين ، ولكن من الذي سوف يقودها في العراق ، توجه النظر ألبعثي إلى السيد الصدر لأنه قبلة الشيعة في العراق ومنظرهم ومن أبناء فكر السيد الخميني الجهادي والثوري .
لذا لجئت القوى الإرهابية المتمثلة بحزب البعث الملعون بفرض الإقامة الجبرية تخوفاً من أي عمل ضد السلطة الحاكمة .
وهذا ما تحدث به السيد الشهيد إلى الإمام الخميني في اتصال هاتفي ( سماحة أيه الله العظمى الإمام المجاهد السيد الخميني (دام ظله) استمعت إلى برقيتكم التي عبرت عن تفقدكم الأبوي لي واني آذ لا يتاح لي الجواب على برقية لأني مودع في زاوية البيت ولا يمكن أن أرى أحدا أو يراني )
هذا نص الاتصال الهاتفي الذي تحدث فيه السيد الشهيد عن الإقامة وكيف منع عنة التحدث إلى أي احد مهما كانت منزلة هذا الشخص .
وعلى الرغم من الإقامة الجبرية المشددة ولكن السيد لم يترك تكليفه الشرعي في الوقوف أمام الطغاة والقول ( كلا للدكتاتورية ) (كلا للظلم ) فاصدر في ظل هذه الإقامة ثلاث نداءات إلى الشعب العراقي يحثهم على رفض الحكم الدكتاتوري والذل والقتل الذي يمارس البعث ألصدامي على الشعب العراقي ، وقد أعلن السيد الشهيد في نداءه الأخير انه مصمم على الشهادة من اجل رفع راية الإسلام قال فيه ( وانأ أعلن لكم يا أبنائي إنني قد صممت على الشهادة ولعل هذا أخر ما تسمعوه مني ) .
اعتقل السيد الشهيد في عام 1971 ولكن سوء حالته الصحية دفعهم إلى ادخلوه إلى المستشفى مقيد اليدين مربوط على سريرة بسلاسل وأفرج عنه ، وفي عام 1974 اعتقل للمرة الثانية وتم نقلة من النجف إلى بغداد للتحقيق معه وبعدها أطلق سراحه .
وفي الثمانينات من القرن الماضي بدء شبح السيد الشهيد يخيف هرم السلطة في العراق والتفاف الناس حوله يهدد الأسرة الحاكمة ، لذا لم يكتفي الطاغية صدام من وجود السيد الشهيد محتز في بيته فجرد وجوده يعتبر كابوس للنظام ألبعثي ، اعتقل السيد الشهيد مع أخته بنت الهدى بتاريخ 5/4/1980 ونقلا إلى بغداد وهنالك ارتكب البعث ألصدامي اكبر جريمة يندى لها جبين الإنسانية بقتل فيلسوف العصر ومفكرة وعملاق الجهاد الإسلامي ومنظر الحركة الإسلامية الحديثة بقتله مع أخته الشهيد بنت الهدى في 9/4/1980 الذي يصادف سقوط صنم صدام على يد القوات المحتلة ، وكأنما هنالك قوة أخذت بثار السيد الشهيد في يوم استشهاد وهدمت أركان حكومته وأذلت من في الأمس يتحكمون برقاب الناس ( بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ) ، لقد تحققت أهدافه وحتى وان كانت بشكل تدريجي ولكن سوف تبقى شخصية نهتدي فيها في زمننا المظلم وسوف نسعى إلى تحقيق حلمة بتأسيس دولة الحق .
كما تتردد على مسامعنا خطاباته التي وحد فيها الشعب على جميع طوائفه وتياراته ، لم يكن خطابه إلى الشيعة دون غيرهم ، ولم يكن للعرب دون غيرهم فهو القائل ( أني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت الوجود من اجل الشيعي والسني على السواء ، ومن اجل العربي والكردي على السواء ، حيث دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً وعن العقيدة التي تهمهم جميعاً ) .
وكان دائما عندما يخاطب الشعب العراقي يقول ( يا أخي السني ويا أخي الشيعي ) .
هذا هو السيد الشهيد الذي كرس حياته إلى الشعب العراقي وهو القائل إنا العبد الصغير في خدمة الوطن الكبير .

التعليق