عاجل:
مقالات 2021-09-05 03:00 314 0

الدور الإعلامي للزينب الكبرى في مرحلة السبي

(شاء الله أن يراهن سبايا)، سلمَ سليل النبوة لمقتضى المشيئة الإلهية في اصطحاب النساء والأطفال في رحلةٍ شاقة محتومة بالغدرِ والنكران ، فأخذ يخطط لنهضةٍ إصلاحية ينتشلُ به

(شاء الله أن يراهن سبايا)، سلمَ سليل النبوة لمقتضى المشيئة الإلهية في اصطحاب النساء والأطفال في رحلةٍ شاقة محتومة بالغدرِ والنكران ، فأخذ يخطط لنهضةٍ إصلاحية ينتشلُ بها المسلمين من وحل الضلال المهلك .

فَفضح مجازر ومجون الحكومة الغاشمة ، واستقطاب الرأي العام حول أهداف الثورة التي مزجت بوجود العنصر النسوي في ميدان المعركة.

فكان عليه السلام يُخطط لنجاح المعركة من ناحية الأبعاد المستقبلية لا اللحظية ، المتمثلة بالصدع الإعلامي الذي أثارتهُ السيدة زينب( عليها السلام) ومن معها من النساء المبلغات ، المؤمنات بأهداف إمام زمانهنّ .

فتتعالى بعض الأفواه الجاهلة مُشكلة على “قرار الحسين “في حمل النسوة والأطفال الى التهلكة!

فنقول: معرفة المعصوم بالحماية الإلهية لهنّ وهذا واضح في وداعه (استعدوا للبلاء ، واعلموا ان الله تعالى حاميكم وحافظكم) “١ “.

ومن المؤكد أن بقاء النسوة والأطفال في المدينة المنورة كان سيشكل ورقة ضغط رابحة على الإمام الحسين ومن معه، والتخطيط الإلهي سبق تخطيط القائد الهمام ؛ ( شاء الله أن يراهنّ سبايا) فالقارئ قد يشتبه باصرار الحسين على اصطحاب النسوة ؛ وهذا الإشكال ينافي حقيقة الاختيار التي يؤمن بها أهل البيت (عليهم السلام)، وأن إرادة الباري جل وعز تشريعية لا تكوينية ، فهي لا ترغم وتجبر العبد على الفعل ، فهو غير مُسير الى زج نفسه ومن معه الى التهلكة ، إلا إنه أرتأى البروز وكشف الوحش الفتاك الذي اختلج في صدور أهل الحقد والثأر.

عندما سقط البدرُ صريعاً على الفَلا ، أُسِرت النجوم على أقتاب الجِمال بغير وِطاء.

تشفَّت الوحوش البشرية من خُفوت بريقها الوضاء في طرقٍ شجواء ، وليس بالأمر اليسير أن ترى طاغية العدو مترفَّلا برأس سبط رسول الله أمام قافلة السبيّ الحُسيني.

-وصلت قافلة السبيّ الكوفة في الثاني عشر من محرم ( ٦١للهجرة) ، وابن سعد يمشي فياداً ، فحلم الريّ بات قريبا ، هرع الناس من بيوتهم فزعين بين جاهل وعارف … لمن هذه الأسارى؟ ورؤوس من قد رُفِعت؟!

– وهنا جاء دور حرائر الرسالة والإمامة في تبيان ما خفي

فالخطاب العالمي للسيدة زينب قلب الطاولة على رؤوس الأمويين، وفشلت مخططاتهِم ، فلم يكُن بالحسبان بعد واقعة الطف المروعة، والأجواء المُخيفة في الكوفة أن تنبري بحرفٍ واحد .

وكان خطابها شديد النبرة فضحت به زيف (حكم الدم).. كيف لا ؛ وهي ابنة سيد البلغاء إذ يتعجب سامعها في ذلك الحال .. فلم أر خفرة ـ والله ـ أنطق منها .

فلنقف على بعض الكلمات الدريّة للسيدة زينب (أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ‏ وَالْغَدْرِ وَالْخَذْلِ أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ وَلَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي‏ نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ . وهَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ‏ وَالْعُجْبُ وَالشَّنَفُ). “٣”

_فاستهلت بعد الحمد بتوبيخ أهل الكوفة وتذكيرهم بماضيهم النتن إذ ينقلبون مع الظالم لاعن دراية كمثل التي نقضت غزلها، ، فسمة النفاق والغدر ديدنهم وأول من غُدر به أمير المؤمنين في صفين عند تحكيم الحكمين ، وختامها خذلان الحسين بعدما أُرسل اليه اثني عشر ألف رسالة مقرونة بالأيمان المغلظة على نصرتهِ لإنقاذهم من غطرسة الأمويين ! كل هذا ذهب أدراج الرياح ! غدروا الحسين بدراهم قليلة ، فخسروا جنة عرضها السموات والأرض!

وإن أسلوب “المصارحة والتقريع” حرك الضمير الميت، حيث ضجت الجموع المُحتشدة بالبكاء ، وأسلوب “التذكير بالحقائق” ايضاً كان من الوسائل الإعلامية المهمة في تحريك فكر المُتلقي.

_ والمحور القيمي الذي تطرقت إليه معاقل الإمامة أثناء خطبهم في الكوفة هو (وخزة الضمير) الذي ولد عنه ثورة التوّابين ، وثورة المختار الثقفي، فشحنة “التقريع والتبكيت “التي بثتها الراعية ومن معها أتت بثمارها .

فكان أسلوب الطغاة هو نفسه في التنصل عن المسؤولية ، فابن زياد يخاطب السيدة زينب فرحاً ( كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟) وبرباط الجأش كان الرد: ( كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم وتخاصمون عنده) ! فصكت بكلماتها سمع القائد العام لحرب الحسين في قعر داره غير آبهة بجبروته بعدما افتصل كبدها بقتل أخوتها ، والسؤال ذاته يطرح على الإمام زين العابدين ( عليه السلام) فسأله من أنت؟ فقال: ( انا علي بن الحسين) فقال ابن زياد: ألم يقتل الله علي بن الحسين؟ فقال(عليه السلام) كان لي أخ يُسمى علياً قتله الناس) .

كما  كانت عليها السلام مُبلغة لمسائل ابتلائية ستكون محط أشكال البعض بعد مئات السنين منها مسألة الجبر وزج النفس في التهلكة، بالإضافة الى تبيان صورة الصبر بأسمى معانيها ، في سبيل الدفاع عن الشريعة المحمدية حيث قالت ” مارَأيتُ إِلاجَمِيلاً” و”اللهم تقبل منا هذا القربان”

أضف الى ذلك الرعب الذي ألقتهُ في قلب يزيد حيث توعدتهُ بعبارات حارقة منها “فوالله ما فريت الا جلدك ولا حززت إلا لحمك ، ولتردن على رسول الله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت حرمته في عترته ولحُمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون) وحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً وبجبرائيل ظهيراً…” وهذا تبيان واضح عن نسب المغدور في كربلاء ، وعن أي دين سيُدافع البلاط الأموي اذا كان صاحب الشريعة خصيمهم يوم يبعثون؟! ” ٥”.

ثم شرع الإمام زين العابدين في تغير أفكار الشاميين التي سُممت من قبل معاوية، فَصار علي بن أبي طالب يُسَب على المنابر أربعين عاما ! حيث ورد عن الزمخشري في (ربيع الابرار): ((انه كان في أيام بني امية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية في ذلك)). “٦”

فأبان الإمام ما عُتم ونزل بفضيحة يزيد من على المنبر عندما أخذ يعدد مناقب جدهِ أمير المؤمنين.

هنا أنتصر الدم على السيف، والكلمة على القيودِ والأغلال، وثبت أن حزب الله هم الفائزون .

فمن هذا المنطلق يجب ترك التقاعس ورفض الظلم الذي تتبناه الحكومات الجائرة وإن كانت قوية ، فَمُشرِع الثورة لم يرضَ بالهوان .

زينب جواد الركابي/مركز الاعلام الدولي التابع للعتبة الحسينية

التعليق