عاجل:
مقالات 2009-12-06 03:00 630 0

الانغلاق البنيوي في الفكر الشيوعي الديالكتيكي الماركسي

مايميز البنيوية الفكرية والمفاهيمية الماركسية الديالكتيكية المادية الشيوعية انها من البنيويات الفكرية ذات القالب الجامد الواحد

مايميز البنيوية الفكرية والمفاهيمية الماركسية الديالكتيكية المادية الشيوعية انها من البنيويات الفكرية ذات القالب الجامد الواحد بحيث ان أفتراض اي رفع للُبنة من اللُبنات البنائية للفكر الماركسي سيفضي حتما هذا الافتراض الى انهيار البناء الفلسفي برمته لهذه الفكرة الماركسية التي بُنيت اساسا على لبُنات تراكمية بعضها فوق بعض لتشكل هرمية فلسفية عالية الجدار ومرتبة ترتيبا هندسيا معقدا للغاية لايقبل المرونة وغير قابل للتعديل او اعادة الصياغة بشكل مختلف عن مابُنيت عليه من الاساس !!!!.
فمثلا عندما يذكر مصطلح (( الملكية الخاصة )) في الفكر الشيوعي الماركسي فليس هذه المفردة هي قطعة بنائية منفصلة عن جسد وبنية الفكر الماركسي العام الذي يصل قاعدة الهرم بقمته العلمية او الفكرية ، او انها ساحة مضافة الى مساحات الفكر الديالكتيكي الاخرى المتجاورة بعضها مع البعض الاخر والتي بالامكان فصلها ودراسة محتوياتها باستقلالية وبدون ان تتأثر باقي اجزاء المنظومة الفكرية الديالكتيكية الاخرى بهذا الفصل او هذا النزع لمفردة من مفردات هذه المدرسة الفكرية الايدلوجية !!!.
بل ومن خلال القراءة البنيوية للفكر الشيوعي الماركسي المادي يتبين للباحث النبه ان مجمل الفكرة الماركسية قد بُنيت بشكل لايقبل فصل اجزاء اعضاءها او انتزاع بعض مفاهيمها لدراستها مستقلة عن الاجزاء الاخرى او النظر الى هذا الجزء او ذاك على اساس انها اجزاء تحمل نواة الاستقلالية عن البنيوية العامة للفكرة الديالكتيكية الماركسية وبالامكان دراستها او بحثها او الغائها او الاعتراف بهامن خلال البحث والدرس المستقلّ ولهذا اصبحت فكرة (( الملكية الخاصة )) في بنية الفكر الشيوعي الماركسي المادي حالها حال اي فكرة اخرى (( كالحتمية والديالكتيك والثورية وفائض القيمة وانعكاس فكر المجتمع من خلال حركة وسائل انتاجه الاقتصادية ....الخ )) داخل منظومة الفكر الماركسي التي تتحلى بكينونتها واصالتها العامة التي تعتبر معاقد لشبكة واسعة من الافكار الماركسية المتراكبة بعضها فوق البعض الاخر ، بحيث ان قيل ان هناك اي تفكير بالغاء فكرة :(( ان الملكية الخاصة هي سبب دمار وشقاء البشرية كلها منذ وجدت على هذه الارض الى يومنا هذا )) من الفكر الماركسي المادي الديالكتيكي فستكون النتيجة وحسب البنيوية الفكرية للنظرية الشيوعية ان البناء الفلسفي كله سينهار بالتمام ان اريد لفكرة من الفكر الماركسي الشيوعي ان تلغى او تعدّل او حتى يفكر برفعها من قائمة الاولويات الفكرية والفلسفية للايدلوجية المادية الثورية الشيوعية !!.
وعلى هذا الاساس كانت الفكرة او النظرية الماركسية المادية الشيوعية هي في بنيويتها الفكرية كلٌّ لايقبل التجزيئ ابدا او التفكيك في بنيته الفكرية ، وهذا ماجعل الماركسية القديمة والحديثة على اساس انها نظرية متكاملة البنية ومدعية لامكانيتها الفلسفية في فهم العالم والكون والحياة والانسان بكافة قوانينه الفكرية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذالك ، وهذا ايضا مادفع النظرية المادية الديالكتيكية الشيوعية ان تدخل انفها في كل جزئيات الحياة البشرية لتعطي في مقابلها رؤية تشرح وتفسر حركة هذه الحياة وكيفية ينبغي ان ترى وكيف ينبغي معالجتها فكريا ديالكتيكيا او علميا او فنيا او الى مالانهاية من هذه النظرات الفكرية التي تعرضت للانسان وفكره وللدين وموضعه وللطبقة ونموها ولوسائل الانتاج وعملها وللتاريخ وتناقضاته وللفسلفة والميتافيزيك ...... وحتى علم النفس والاحلام والفن والموسيقى كل ذالك تدخلت فيه النظرية الماركسية الشيوعية المادية على اساس انها نظرية تمتلك كل الابعاد الفكرية والفلسفية التي تؤهلها لاعطاء نظرة كونية قابلة للفهم والادراك واصابة الحقيقة المطلقة !!.
وبالفعل ومن خلال هذه التكاملية في البنيوية الفكرية الماركسية وجدنا ان التماسك البنيوي الفكري لهذه الاطروحة يعتبر من اهم المميزات التي ان تعرض لها اي عمل تفكيكي او تغييري او تقييمي جديد سيخلّ بالتوازن البنيوي القائم عليه هذه الفكرة برمتها وربما يخاطر بهدم كل المنجز بمجرد التفكير برفع لُبنة من هذه الفلسفة العامة او نقد مفاعيلها او هدم قيامتها الفكرية !!.
ومن هنا يتبين ان اي اعلان فكري او ايدلوجي سياسي يحاول القول او التنظير الى امكانية اعادة القراءة في الفكر الماركسي او الغاء اي بند من بنوده الفكرية المتراكمة على اساس اخذ الشيوعية مثلا بلا ماديتها او اخذ وتبني الديالكتيك بعيدا عن الالحاد وضرب الاديان او اخذ الاشتراكية وعدم الاعتراف بسرطان الملكية الخاصة في هذا الفكر على اساس امكانية الجمع بين الشيوعية من جهة كمنظومة فكر ايدلوجية والاعتراف بالملكية الخاصة من جانب اخر .... اي محاولة سياسية من هذا القبيل فانها ماهي الا محاولة التفاف سياسية ليس لها اي قيمة فكرية ماركسية شيوعية ديالكتيكية حقيقية ، وهذا كله من منطلق ان منظومة الفكر الماركسي الشيوعية العامة وبنيويتها الفكرية :
اولا : لاتقبل اي تعديل حقيقي بتراكميتها الفكرية التي ينبني بعضها على البعض الاخر بشكل عضوي لايقبل الفصل او اعادة التشكيل من جديد او ادخال ماليس منه فيه !.
 وثانيا : لان الفكر الماركسي الشيوعي نفسه فكر غير قابل للمرونة والكسر ليُعاد ترتيبه بشكل مختلف عن ما اسسه الاباء الاولون لهذه المدرسة الايدلوجية السياسية المعقدة !!.
نعم القارئ الجيد للفكر الشيوعي المادي الديالكتيكي الماركسي سيكتشف حتما ان هناك بنيوية حديدية داخل هذا الفكر لاتقبل اي اعادة ترتيب داخلي او فصل جزء من اجزاء جسد هذه المنظومة الفكرية المتصلبة الشرايين ، فالملكية الخاصة موضوع مثلنا السابق مثلا ، ليس هي فقط مجرد فكرة هامشية ليُقال اليوم على لسان الشيوعيين المنهزمين الجدد : ان هناك امكانية لاعادة النظر في الفكر الشيوعي الديالكتيكي ودمج الملكية الخاصة والاعتراف بها في الفكر الشيوعي الحديث !!.
وكذالك عندما يرّوج سياسيا انه : بالامكان الجمع بين الفكر الاشتراكي الشيوعي الديالكتيكي من جهة والدين والمقدس واحترامه والاعتراف به باعتباره امر شخصي لاعلاقة للفكرة الشيوعية به او لامساس بينه وبين وجود المقدس داخل الانسان الشيوعي !!.
فمثل هذا الطرح هو :
اولا: لايدرك بالفعل ماتعنيه الموازين الفكرية الماركسية الشيوعية العامة التي تعتبر قوانين في بنية الفكر الشيوعي الذي يُقاس عليها ماهو ديالكتيكي شيوعي علمي حقيقي او غير ذالك .
وثانيا : يعني ان القارئ غير جيد او المنتمي لايفهم معنى الماركسية والشيوعية الديالكتيكية الحقة وكيف انها فكرة متكاملة غير قابلة للتجزيئ والفصل في داخل كل منظومتها الثقافية والايدلوجية !!.
وعلى هذا الاساس فعندما قالت الشيوعية الديالكتيكية : ان الملكية الخاصة هي سبب الشرور البشرية كلها ، وسعت هذه الشيوعية لرفعها من القواميس البشرية الاقتصادية وغير الاقتصادية فلم تكن هذه الماركسية تسعى فقط لتقييم الملكية الخاصة في جانبها الاقتصادي فحسب ليُقال اليوم على لسان انصاف الشيوعيين انه بالامكان اعادة النظر في قضية الملكية الخاصة والقبول بها شيوعيا!.
لا بل كانت الشيوعية الماركسية الديالكتيكية تنظّر ضد الملكية الخاصة على اساسها الواقعي والحقيقي باعتبار ان ((حقيقة الملكية ))الخاصة هي الشرّ ولاحقيقة جوهرية لها غير ذالك ، ولايمكن على اساس هذا الفهم الشيوعي للملكية الخاصة ان يعاد تقييم حقيقة الملكية الخاصة او القبول بأضافة تسمية جديدة لها ليقال ان جزء من الملكية الخاصة شرير والاخر غير ذالك !!.
كلا بالمطلق فالرؤية الشيوعية كما ذكرنا لها بنيوية ثابتة وغير قابلة لاعادة التسميات والقراءات ولها حتمية ولها رؤية كما تدعي علمية تصيب الحقيقة وجوهر الاشياء ،... وعندما قررت ان الملكية الخاصة في ايدلوجيتها الفكرية انها شرّ مطلق ركبت على هذه الحقيقة شرعية الثورية وسفك الدماء وحق القتل على الذين يؤمنون بحقيقة الملكية الخاصة وانها محترمة او تستحق الاحترام ، وركبت ايضا رؤيتها الاقتصادية على اساس حتمية الانهيار لهذه الملكية التي تحمل بداخلها نقائضها ووصول المجتمع الى الشيوعية السعيدة التي سوف تهب الانسان حقوقه بلا ملكية وغير ذالك!.
وعلى هذا فسيكون اي الغاء فكري لشرور الملكية الخاصة من قواميس الفكر المادي الشيوعي هو ليس فقط الغاء لمفردة هامشية في بنية الفكر الشيوعي ، وانما هو الغاء للتبعات البنيوية ايضا لينهار صرح الثورية الشيوعية التي ركّب بالاساس لاجتثاث الملكية الخاصة ، وينهار حلم الشيوعية السعيدة التي رسمته الماركسية للعالم باعتبار ان دمار الملكية الخاصة هو الموصل للعالم الشيوعي السعيد ، وتنهار ايضا فكرة وسائل الانتاج التي خلقت وتخلق كل شيئ ، وتنهار فكرة الحتمية في النصر ، وتنهار الشيوعية برمتها كايدلوجيا انبنت على لُبنة كيفية التخلص من الملكية الخاصة !!.
وهكذا في كل البنيوية الفكرية للشيوعية المادية تجد انها قالب واحد لايقبل التجزيئ او اعادة التشكيل ، فاذا اراد احدنا (مثلا ) ان يدخل الايمان بالغيب والله والاديان والميتافيزيك على الفكرة الشيوعية ليعترف بالاديان او يدعي احترامها فهو بهذا اما ان يكون مخادعا لنفسه وللعالم ، وإما انه لايدرك ان الشيوعية كفكرة وايدلوجيا وانتماء لاتقبل بنيتها الفكرية والثقافية اي اعتراف بشيئ خارج عن الديالكتيك والمادية ، فالديالكتيك قانون اساسي وقاعدة رئيسية من بنية الفكر الشيوعي ، ولايمكن لاي مفكر يريد ان يحافض على مميزات الفكر الشيوعي وايدلوجيتها الفلسفية والعلمية ان يدعي انه يمكن له التنازل عن الديالكتيك القانون العام للفكرة الشيوعية ، فلا شيوعية بلا ديالكتيك ومادية ولاديالكتيك ومادية بلا شيوعية ، وكل ذالك ايضا هو بالنقيض تماما عن اي فكر ديني او ميتافيزيقي او غيبي او غير ذالك مما يتصل بشؤون المقدس والاخلاق والمغعتقدات غير الشيوعية ولا الماركسية ولا المادية !!.
ثم حتى لو ان هناك من ينظّر لامكانية التنازل عن المادية والديالكتيك داخل الفكر الشيوعي في سبيل الاعتراف بغير الديالكتيكي والمادي مثل الديني والميتافيزيقي ، كما حاول البعض ان يتنازل عن شرّية الملكية الخاصة ويعطيها اسما جميلا اخر ، نقول حتى لو فرض ان هناك من يريد اعادة النظر في بنية الفكر الماركسي الشيوعية العامة ليتنازل عن جزء مادي من اجزائها كي لايتضارب مع معتقدات ودين ومقدسات المجتمع ، فانه سوف لن ينال النجاح في مسعاه هذا ابدا بسبب : ان اي جزء من اجزاء منظومة الفكر الشيوعي البنيوية القائمة لاتقبل ابدا انفصالها عن باقي الاجزاء المتراصة والمتراكبة والمستند بعضها على البعض الاخر الباقي ، ومحاولة رفع الديالكتيك او المادية الالحادية الشيوعية او الملكية الخاصة او .....غير ذالك كل هذا يعني في حقيقته انهيار كامل لبنيان الفكرة الشيوعية التي ان انهار منها جزء انهار الجسد الفكري البنيوي الشيوعي كله وعلى الاتمام !!!؟.
على الشيوعيين الجدد ان يدركوا حقيقة التماسك البنيوي لفكرهم الماركسي كي لايصابوا بازدواجية المفاهيم عندما يحاولون ترقيع الفكرة بعدة الوان متناشزة بينما هي لاتقبل الا لون واحد فقط !!.
وعلى الاخر غير الشيوعي ان يدرك حقيقة هذا الفكر الديالكتيكي الماركسي المادي وبنيويته الحديدية التي لاتقبل لاداخل ولاخارج عنها ، ولايعتقد انه بامكانه ان يكون متدينا اخلاقيا وبنفس الوقت شيوعياماديا،  او يكون راسماليا يؤمن بالملكية ويقنن لاحترامها وبنفس اللحظة يساريا يناضل من اجل وصول البشرية للمجتمع الشيوعي السعيد او يكون يمينيا محافظا وهو يعتقد انه ثوريا فوضويا قابلا للانفجار ومعتمدا على الطبقة لصياغة التاريخ !!.
لا لايمكن للانسان ان يكون منتميا فكريا لمدرسة وبنية وايدلوجيا ورؤية وثقافة ، وسالكا اخلاقيا واجتماعيا ونمطيا لشيئ مختلف عن  ما انتمى اليه فكريا بالتمام وهذا مادعانا لنكتب حول البنية الفكرية للشيوعية الماركسية وكيفية انها تلد سلوكها واخلاقها ومجتمعها المادي لاغير ولايمكن لنا تصور فكر شيوعي يلد مجتمعا غير مادي !!.

التعليق