ومهما اختلف المسلمون في نصية منصب الامامة فان العقل لا يقبل بان يكون الافضل تحت امرة الفاضل ومهما كانت التبريرات فان قيادة الفاضل للامة ستقع في عثرات هي مقدار الافضلية للافضل على الفاضل . اعتراض القوم على المنصِب وليس على المنَصّب، باعتبار لا نص عليه، أي الاعتراض على الامامة وليس الامام، ولو سلمنا جدلا بعدم نصية المنصب فمن يتمتع بمؤهلات كتلك التي يتمتع بها الامام علي عليه السلام حتى يستحق ان يكون صاحب المنصب مع اختلاف التسمية ( الامامة ، الخلافة ، الحاكم ، الملك، رئيس الجمهورية ) فكلها تصب بمعنى واحد من حيث مؤهلات الحاكم .
لو تصفحنا كنية كل من يرى او يراه المسلمون الافضل وقارنا بما يتمتع به من مؤهلات من حيث التشريع والشجاعة والسبق في الاسلام ونقاوة المولد والسيرة مع من يختلف معهم بخصوص هوية الحاكم ، فلمن ستميل الكفة ؟
كتب السير والتاريخ كلها تؤكد على مواقفه واقرار المخالف له بالافضلية بل الاعتراف علنا بانه متخصص بحل المعضلات وما عجز يوما ما امام أي سؤال يطرح عليه ، ابتعدوا عن التسميات التي هي محل خلاف ( الامامة والنص والامام) وتمعنوا جيدا في المضمون .
والاهم في صفات الامام التي تعتبر موضع خلاف هي العصمة ، والاستدلال عليها لا اعتقد انه بحاجة الى ادلة فلسفية وعقلية ونقلية فيمكن تتبع سيرة الامام علي عليه السلام والتدقيق فيها هل اخطا في حكم معين ؟ هل ثبت عليه التاريخ موقف سلبي ؟
في المحن يظهر معدن الانسان ولا اشد محنة من ضربة تؤدي بحياة الانسان او لحظة سكرات الموت ، كيف تعامل علي عليه السلام مع هذه اللحظات ؟ ما ان انشطر راسه الطاهر بسيف ابن ملجم حتى نادى فزت ورب الكعبة ، فالراس المنشطر فكر بما سيكون عليه وضعه بعد ساعات ، راس ينزف دما ويطلق كلمات مفعمة بالايمان والعلم ، راس عصب بالقماش وهو يوصي ولده الحسن عليه السلام بوصية هي دستور لحقوق الاسير ، هي ميزان لتحقيق العدالة ، هي منجم للمعايير الاخلاقية، فماذا يحمل هذا العقل وهو يفكر بامته لا بجرحه؟