عاجل:
مقالات 2011-06-07 03:00 525 0

الافق الأستراتيجي في فكر شهيد المحراب (رض)

الذهنية الاستكشافية والاستشرافية للسيد اية الله العظمى محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه قد حددت وبرؤية استراتيجية مسارات

الذهنية الاستكشافية والاستشرافية للسيد اية الله العظمى محمد باقر الحكيم رضوان الله عليه قد حددت وبرؤية استراتيجية مسارات ومراحل بناء الدولة العراقية بشكل مبكر ، وواضح ان سماحته اراد ان ينأى بالعراق بعيدا عن سياسة حرق المراحل واقحام سياسات قسرية بعيدة عن الصيرورة الطبيعية للتحولات الوطنية والتي تستمد ديمومتها من تمظهرات التجربة العراقية وخصوصيتها وتاريخ العراق الحديث ، واليوم نجد ان تشخيصات سماحة السيد شهيد المحراب لتحولات العملية السياسية متوافقة ومنسجمة مع المشهد السياسي الراهن على الرغم من مرور اكثر من ثمان سنوات على رحيل سماحته رضوان الله عليه . وقد تناول السيد الشهيد في خطبه الاربع عشر شروط استتباب النظام العام وتجذير القانون فاشار الى ان اول شروط ذلك هو خلق رأي عام شامل مساند لحفظ وصيانة ورعاية التجربة العراقية وترسيخ الحكم الوطني والاستقلال الناجز معتبرا ان اشاعة رأي عام موال للتجربة الوطنية وللسلام الاهلي والمنهج الديمقراطي وعابر للمصالح الجهوية او الحزبية الضيقة للجهات السياسية و الاطراف الحكومية بوصف الرأي العام يشكل بيئة للاسناد الشعبي للتحولات ولترعرع التجربة وتسليحها بالمناعة الدائمة ضد القوى المضادة المتربصة بها ، وعند التمعن بالواقع الراهن نجد ان فقدان توافق سياسي على حل مشكلات البلاد في مجالات الامن والخدمات والفساد وسحب القوات الاجنبية يشكل عامل معوق من شأنه ان يضعف بنوية النظام السياسي ، وغالبا ما كان الامام الشهيد قدس سره الشريف يختزل مفهوم الرأي العام المساند للتحولات الوطنية بمفهوم الامة المنسجمة ، وكان على ثقة عالية بقدرات الامة العراقية وما تختزنه من طاقات عظيمة مؤكدا على ان (( امتنا امة بطلة مجاهدة مضحية قادرة على تحقيق الانسجام فيما بينها - خطب الجمعة عام 2003 )) وتلك اشارة تقع على جانب كبير من الاهمية اذ ان الثقة بالجماهير وتبني تطلعاتها شرط اساسي لشرعية النظام السياسي ، كما ان الامة المضحية والمجاهدة كما وصفها سماحته قد اكتسبت الصلابة من معمعة المعترك الوطني المقاوم والمضاد للاستبداد وتبعا لذلك فأنها - الامة - قادرة على تحقيق الانسجام فيما بينها وتتمتع بالحصانة والمنعة ضد عوامل الفرقة والتشتت وما زال هذا الشرط يعان من تداعيات افرزتها التحولات والمتغييرات ومن اهم مظاهرها اليوم الاخفاقات التي تعان منها البلاد في كل المجالات ، وعلى الرغم من ان الامة ما زالت محرومة من قطاف ثمار نضالاتها من اجل الخلاص من النظام الدكتاتوري وبناء نظام العدالة ودولة المواطنة إلا انها معطاءة دون مقابل وولودة ومنتجة وصامدة ومقدرة لمسؤولياتها الوطنية ومانحة لعوامل الاسناد وقد تجلى ذلك بأوضح صوره في الانتخابات العامة الاخيرة حيث انجزت الامة ما مطلوب منها بأنضباط وجهادية عاليتين ثم تنحت جانبا تنظر بالعين الناقدة من جهة وبعين الامل الى مستقبل افضل واخراج البلاد من الخانق السياسي الراهن ممتثلين لوصية شهيد المحراب يوم وجه نداءه قائلا (( ادعو جميع العراقيين ، من هذا المنبر المقدس ، الى ان يمارسوا هذه المسؤولية في انتخابات حرة ونزيهة - نفس المصدر )) ولو تمكنت الامة من التمتع بالمنجزات المفترض احرازها بعد سقوط الدكتاتورية فأنها سوف تشكل مصدر قوة جبارة تعزز عمل الحكومة الناجحة وتصون التجربة وعلى ذلك الاساس اولى السيد الشهيد الامام محمد باقر الحكيم (رض) اهمية خاصة لدور الامة في بناء الدولة الحديثة وعلى ذلك اهتم الشهيد السعيد في بواكير الانتصار على الدكتاتورية بوسائل تثوير وتفعيل دور الامة . ان توظيف قدرات الامة في اسناد الحكومة الناجحة والتي تحترم وعودها وفق ما اراد لها السيد الشهيد الحكيم لم تأخذ ابعادها الحقيقية ولم ترق الى مستوى الامكانات الهائلة التي تختزنها الامة بسبب اخفاقات الحكومة وفشلها في ادارة البلاد وتلبية حاجات المواطنيين على الرغم من ان الامة منحت الشرعية الكاملة للحكومة وخولتها تمثيلها واذا كانت ثمة نجاحات قد تحققت فأن الفضل في ذلك لله تعالى ولثبات الامة وتواجدها المستمر في الساحة على الرغم من استمرار المحرومية واستمرار الفساد المالي والاداري وتخلف الخدمات وتصاعد اعمال الابادة الجماعية التي تمارسها القوى الارهابية المختلفة .
واستشرف شهيد المحراب الخالد قدس سره الشريف مآل القوات الاجنبية واثبت ان وجودها وقتي وانها راحلة لا محالة وان الامة هي صاحبة القرار في ذلك من خلال تعضيدها للقوى الوطنية الفاعلة والمجربة التي اثبتت منهجها الوطني الذي ارسى اسسه شهيد المحراب حيث نبه الشهيد الى ان استقلال العراق التام يعني ادارة شؤونه من قبل اهله وان ذلك لا يتم ولا يستقر للعراقيين الا بأستقلال القرار الوطني ، واول ما يجب على العراقيين القيام به هو التصدي لادارة شؤون بلادهم بأنفسهم مؤكدا على (( ان من اهم مصاديق المعروف في هذا الوقت الذي يجب فيه على العراقيين ان يهتموا به ، هو ان يندفعوا بإخلاص ونظام وحكمة وعقل من اجل ان يمسكوا ادارة امورهم بأيديهم - خطب الجمعة ص29 )) ويبدو بشكل واضح ان شهيد المحراب قد دعى العراقيين الى التحلي بالعقل والحكمة والنظام وليس السلاح في استعادة المبادرة والاندفاع بقوة نحو ادارة شؤون بلادهم واقامة الحكم الوطني ، وهذه الدعوة هي عين ما يتلائم مع الوضع العراقي منذ دخول قوات الاحتلال الى البلاد وحتى اليوم ويأتي هذا الاشكال الحساس في مقدمة اهنمامات السيد الامام الشهيد قدس سره الشريف وواحد من اهم كشوفاته التي اثبتت مصداقيتها في الشأن العراقي المعقد حيث كان الامام الشهيد على يقين من ان اعداء العراق واذناب النظام البائد سيجعلون من الاحتلال ذريعة يتذرعون بها من اجل التغطية على هدفهم الحقيقي وهو العودة بالبلاد الى الحكم الاستبدادي وقد تلقت دعوة الشهيد محمد باقر الحكيم (رض) بالتمسك بالحكمة والعقل والنظام التفافا جماهيريا واسعا وتأييدا سياسيا كبيرا من داخل العراق وخارجه واليوم يحصد العراقيون ثمار دعوة الامام شهيد المحراب في وقت تشرع فيه القوات الاجنبية بالرحيل فيما احتفظ العراق بسيادته المنجزة واستقلاله المحرز وسقطت دعوات ((المقاومة )) التي منحت الاجنبي الامان وصادرة حياة وحرية واستقرار المواطنيين والتي اريد لها ان تجر البلاد الى الفوضى وتهديد السلم الاهلي .
وعلى الرغم من ان وضع العراق في حياة آية الله العظمى الشهيد محمد باقر الحكيم كان على مفترق غامض إلا ان السيد الشهيد رضوان الله عليه رسم خريطة مفصلة بدقة للنظام السياسي المستقبلي في العراق حيث وضع النظام على اربع ركائز مهمة لا غنى عنها في استكمال دولة المواطنة في العراق الجديد مشيرا الى ان الركيزة الاولى تتمثل في مشاركة الشعب العراقي في القرار السياسي من خلال الانتخابات النزيهة والتداول السلمي للسلطة فيما عد الهوية الوطنية الاسلامية من اشتراطات قيام نظام الحكم الوطني مع احترام الهويات الفرعية لمكونات الشعب العراقي ومذكرا بأننا لا نريد استنساخ نظام اسلامي بعينه انما (( نريد حكما يحترم الاسلام ،ولا نكتفي بهذا ، بل ويحترم قيم الاسلام - خطب الجمعة ص53 )) ورأى الشهيد الحكيم ان الركيزة الثالثة هي وحدة التراب الوطني بوصفها شارة اساسية وركيزة قوية بوصفها من ركائز بناء الدولة الوطنية والركيزة الرابعة تكمن في احترام خصائص وثقافة العراق وحضارته وتاريخه ، وتحتفظ اشتراطات الشهيد الحكيم رضوان الله عليه لمواصلة العملية السياسية وبناء دولة المواطنة بكامل اهميتها اليوم وان الخروج عن تلك الركائز يزيل الموانع من امام عودة الحكم الاستبدادي الى العراق مجددا .

التعليق