عاجل:
مقالات 2023-10-02 22:10 495 0

الإمام الحسن المجتبى.. كريم أهل البيت

صفة الكرم والسخاء من أبرز الصفات التي تميّز بها الإمام الحسن المجتبى (ع)، فكان المال عنده غاية يسعى

المقالات المنشورة تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

 من خلالها إلى كسوة عريان، أو إغاثة ملهوف، أو وفاء دين غريم، أو إشباع جوع جائع.

اسمه وكنيته ونسبه

الإمام أبو محمّد، الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام).

من ألقابه

المجتبى، التقي، الزكي، السبط، الطيّب، السيّد، الولي.

أمّه

فاطمة الزهراء بنت رسول الله(ص).

ولادته

ولد الإمام الحسن المجتبى في الخامس عشر من رمضان 3ﻫ، وقيل: سنة 2ﻫ بالمدينة المنوّرة.

تسميته

لمّا ولد الإمام الحسن المجتبى (ع)، قالت السيّدة فاطمة(عليها السلام) للإمام علي(ع): «سَمِّهِ. فَقَالَ: مَا كنْتُ لِأَسْبِقَ بِاسْمِهِ رَسُولَ اللهِ(ص). فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ، فَأخْرِجَ إِلَيْهِ فِي خِرْقَةٍ صَفْرَاءَ، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُفُّوهُ فِي صَفْرَاءَ؟ ثمَّ رَمَى بِهَا وَأَخَذَ خِرْقَةً بَيْضَاءَ فَلَفَّهُ فِيهَا، ثمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ(ع): هَلْ سَمَّيْتَهُ؟ فَقَالَ: مَا كنْتُ‏ لِأَسْبِقَكَ بِاسْمِهِ، فَقَالَ(ص): وَمَا كنْتُ لِأَسْبِقَ بِاسْمِهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. فَأَوْحَى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَبْرَئِيلَ أَنَّهُ قَدْ ولِدَ لِمحَمَّدٍ ابْنٌ فَاهْبِطْ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ وَهَنِّهِ وَقلْ لَهُ: إِنَّ عَلِيّاً مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ موسَى، فَسَمِّهِ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ. فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ(ع) فَهَنَّأَهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَأْمرُكَ أَنْ تسَمِّيَهُ بِاسْمِ ابْنِ هَارُونَ. فقَالَ: وَمَا كَانَ اسْمُهُ؟ قَالَ: شَبَّرُ. ثم قَالَ: لِسَانِي عَرَبِيٌّ. فقَالَ: سَمِّهِ الحَسَنَ. فَسَمَّاهُ الْحَسَنَ»(2).

شباهته برسول الله

قال أنس بن مالك: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِرَسُولِ اللهِ(ص) مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِي وفاطمة»(3).

وكانت السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) ترقّصه وتقول:

«أَشْبِهْ أَبَاكَ يَا حَسَنْ  **  وَاخْلَعْ عَنِ الحَقِّ الرَّسَن

واعْبُدْ إلهاً ذا مِنَنْ  **  وَلَا توَالِ ذَا الْإِحَن»(4).

وقال أبو بكر ابن أبي قحافة وهو حامله على عاتقه:

«بِأبي شَبِيهٌ بالنَّبي  **  غَيرَ شَبيهٍ بِعلي»(5).

كريم أهل البيت

صفة الكرم والسخاء من أبرز الصفات التي تميّز بها الإمام الحسن المجتبى (ع)، فكان المال عنده غاية يسعى من خلالها إلى كسوة عريان، أو إغاثة ملهوف، أو وفاء دين غريم، أو إشباع جوع جائع، وإلخ.

ومن هنا عرف(ع) بكريم أهل البيت، فقد قاسم الله أمواله ثلاث مرّات، نصف يدفعه في سبيل الله، ونصف يبقيه له، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرّتين في سبيل الله ولا يبقي لنفسه شيئاً، فهو كجدّه رسول الله(ص) يعطي عطاء مَن لا يخاف الفقر، وهو سليل الأُسرة التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَيؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾(6).

وآية أُخرى تحكي لسان حالهم: ﴿وَيطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَى حبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وأسيراً إنّما نطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً﴾(7).

وهو(ع) من الشجرة الطيّبة التي تؤتي أُكلها كلّ حين، فمن كريم طبعه(ع) أنّه لا ينتظر السائل حتّى يسأله ويرى ذلّ المسألة في وجهه، بل يبادر إليه قبل المسألة فيعطيه.

حروبه

شارك الإمام الحسن المجتبى في فتوحات أفريقية وبلاد فارس، ما بين سنة (25ـ30) للهجرة، واشترك في جميع حروب أبيه الإمام علي(ع)، وهي: الجمل، صفّين، النهروان، كما قاد حرباً ضد معاوية بن أبي سفيان، ولكن لظروف أدّت إلى الصلح معه وإيقاف القتال.

من زوجاته

أُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي، أُمّ بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو الخزرجي، خَولة بنت منظور الفزارية، جعدة بنت الأشعث الكندي.

من أولاده

1ـ الحسن المثنّى، قال عنه الشيخ المفيد(قدس سره): «فَكَانَ رَجلاً جَلِيلاً رَئِيساً فَاضِلاً وَرِعاً»(8).

2ـ الحسين الأثرم، قال عنه الشيخ المفيد(قدس سره): «كَانَ لَهُ فَضْلٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي ذَلِك‏‏»(9).

3ـ القاسم، خاطبه الإمام الحسين(ع) بعد استشهاده يوم الطف: «بعْداً لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيكَ جَدُّك‏»(10).

4ـ عبد الله، خاطبه الإمام الحسين(ع) بعد إصابته يوم الطف: «يَا ابْنَ أَخِي، اصْبِرْ عَلَى مَا نَزَلَ بِكَ، وَاحْتَسِبْ فِي ذَلِكَ الخَيْرَ، فَإِنَّ اللهَ يلْحِقُكَ بِآبَائِكَ الصَّالِحِين»(11).

5ـ زيد، قال عنه الشيخ المفيد(قدس سره): «كَانَ جَلِيلَ الْقَدْرِ، كَرِيمَ الطَّبْعِ، ظَلِفَ النَّفْسِ، كَثِيرَ الْبِرِّ، وَمَدَحَهُ الشّعَرَاءُ، وَ قَصَدَهُ النَّاسُ مِنَ الْآفَاقِ لِطَلَبِ فَضْلِه»(12).

6ـ فاطمة «زوجة الإمام زين العابدين».

عمره وإمامته

عمره 47 عاماً، وإمامته 10 سنوات.

استشهاده

استشهد الإمام الحسن المجتبى في السابع من صفر 50ﻫ، وقيل: في الثامن والعشرين من صفر بالمدينة المنوّرة، ودفن بمقبرة البقيع.

كيفية استشهاده

قتل مسموماً على يد زوجته جعدة بنت الأشعث الكندي، بأمر من معاوية بن أبي سفيان.

قال الشيخ المفيد(قدس سره) «وضمن [أي: معاوية] لها أن يزوّجها بابنه يزيد، وأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم»(13)، ففعلت وسمّت الإمام الحسن(ع)، فسوّغها المال ولم يزوّجها من يزيد.

تشييعه

جاء موكب التشييع يحمل جثمان الإمام الحسن المجتبى إلى المسجد النبوي ليدفنوه عند رسول الله(ص)، وليُجدِّدوا العهد معه، على ما كان قد وصّى به الإمام الحسين(ع).

فجاء مروان بن الحكم وبنو أمية شاهرين سلاحهم، ومعهم عائشة بنت أبي بكر ـ وهي على بغل ـ إلى الموكب الحافل بالمهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر المؤمنين في المدينة المنوّرة.

فقال مروان: «يا ربّ هيجاء هي خير من دعة! أيدفن عثمان بالبقيع، ويدفن حسن في بيت النبي! والله لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف»(14).

وقالت عائشة: «والله، لا يدخل داري مَن أكره»(15)، أو قالت: «مَا لِي وَلَكُمْ؟ ترِيدُونَ أَنْ تدْخِلُوا بَيْتِي مَنْ لَا أحِب‏»(16).

وبذلك قال الشاعر:

«منعتهُ عن حرمِ النبيِّ ضلالةً ** وهوَ ابنُهُ فلأيِّ أمرٍ يمنعُ

فكأنَّهُ روحُ النبيِّ وقد رأت ** بالبعدِ بينهُما العلائقُ تقطعُ»(17).

ولولا وصية الإمام الحسن المجتبى (ع) لأخيه الإمام الحسين(ع) أَلّا يراق في تشييعه ملء محجمةِ دمٍ، لَمَا ترك بنو هاشم لبني أمية في ذلك اليوم كياناً.

لذا ناداهم الإمام الحسين(ع) قائلاً: «اللهَ اللهَ لَا تضَيِّعُوا وَصِيَّةَ أَخِي، وَاعْدِلُوا بِهِ إِلَى‏ الْبَقِيعِ، فَإِنَّهُ أَقْسَمَ عَلَيَّ إِنْ منِعْتُ مِنْ دَفْنِهِ مَعَ جَدِّهِ رَسُولِ اللهِ(ص) لَا أخَاصِمْ أَحَداً، وَأَنْ أَدْفِنَهُ فِي الْبَقِيع»(18).

هذا وقبل أن يعدلوا بالجثمان، كانت سهام بني أمية قد تواترت على جثمان الإمام الحسن المجتبى (ع)، وأخذت سبعين سهماً مأخذها منه.

رثاء الإمام الحسين على قبره

«أأَدْهُنُ رَأْسي أَمْ أَطيبُ مَحاسِني  **  وَرَأْسُكَ مَعْفُورٌ وَأَنْتَ سَليبٌ

أَوْ اسْتَمْتِعُ الدّنْيا لِشَيْء أُحِبُّهُ  **  أَلا كلُّ ما أَدْنى إِلَيْكَ حَبيبٌ

فَلا زِلْتُ أَبْكي ما تَغَنَّتْ حَمامَةٌ  **  عَلَيْكَ، وَما هَبَّتْ صَبا وَجَنُوبٌ

وَما هَمَلَتْ عَيْني مِنَ الدَّمْعِ قَطْرَةً  **  وَمَا اخْضَرَّ في دَوْحِ الْحِجازِ قَضيبٌ

بُكائي طَويلٌ وَالدّمُوعُ غَزيرةٌ  **  وَأَنْتَ بَعيدٌ وَالمَزارُ قَريبٌ

غَريبٌ وَأَطْرافُ الْبيوُتِ تَحُوطُهُ  **  أَلا كلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرابِ غَريبٌ

وَلا يَفْرَحُ الباقي خِلافَ الَّذي مَضى  **  وَكلُّ فَتىً لِلْمَوتِ فيهِ نَصيبٌ

فَلَيْسَ حَريباً مَنْ أصيبَ بِمالِهِ  **  وَلكِنَّ مَنْ وارى أخاهُ حريبٌ

نَسيبُكَ مَنْ أَمْسى يناجيكَ طَرْفُهُ  **  وَلَيْسَ لِمَنْ تَحْتَ التّرابِ نَسيبٌ»(19).

من وصايا الإمام الحسن المجتبى

1ـ قال(ع): «الْمِزَاحُ يَأْكُلُ الهَيْبَةَ، وَقَدْ أَكْثَرَ مِنَ الهَيْبَةِ الصَّامِت‏»(20).

2ـ قال(ع): «الْفرْصَةُ سَرِيعَةُ الْفَوْتِ، بَطِيئَةُ الْعَوْد»(21).

3ـ قال(ع): «عَلِّمِ النَّاسَ عِلْمَكَ، وَتَعَلَّمْ عِلْمَ غَيْرِكَ، فَتَكُونَ قَدْ أَتْقَنْتَ عِلْمَكَ، وَعَلِمْتَ مَا لَمْ تَعْلَم‏»(22).

4ـ قال(ع): «الْقَرِيبُ مَنْ قَرَّبَتْهُ المَوَدَّةُ وَإِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ، وَالْبَعِيدُ مَنْ بَعَّدَتْهُ المَوَدَّةُ وَإِنْ قَرُبَ نَسَبُهُ، لَا شَيْ‏ءَ أَقْرَبُ إِلَى شَيْ‏ءٍ مِنْ يَدٍ إِلَى جَسَدٍ، وَإِنَّ الْيَدَ تَغُلُّ فَتقْطَعُ، وَتقْطَعُ فَتُحْسَم‏»(23).

5ـ قال(ع): «لَا أَدَبَ لِمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا مرُوَّةَ لِمَنْ لَا هِمَّةَ لَهُ، وَلَا حَيَاءَ لِمَنْ لَا دِينَ لَهُ، وَرَأْسُ الْعَقْلِ معَاشَرَةُ النَّاسِ بِالجَمِيلِ، وَبِالْعَقْلِ تدْرَكُ الدَّارَانِ جَمِيعاً، وَمَنْ حرِمَ مِنَ الْعَقْلِ حرِمَهُمَا جَمِيعاً»(24).

محمد أمين نجف/موقع الشيعة

————————

المقالات والتقارير المنشورة بأسماء أصحابها تعبر عن وجهة نظرهم ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

 

التعليق