عاجل:
مقالات 2010-06-13 03:00 1156 0

الإصلاح السياسي: نحو صياغة علاقات تعاقدية جديدة

الإصلاح السياسي هو النقيض للفساد على المستوى السياسي، و في أدبيات التنمية والتحديث السياسي فأن قضية

الإصلاح السياسي هو النقيض للفساد على المستوى السياسي، و في أدبيات التنمية والتحديث السياسي فأن قضية الإصلاح السياسي أثارت - في الماضي- وتثير اليوم في المجتمعات العربية والإسلامية أكثر من إشكالية سواءً على المستوى النظري (الفكري) أم على مستوى الواقع، ويرتبط مصطلح الإصلاح سياسي بكل ما هو قادم من الخارج، سواء أكان هذا الخارج هو الأوروبي أو صنوه الأميركي، وحظي هذا المصطلح بترويج كبير عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، حيث تم الربط حينها بين الإرهارب وتردي الأوضاع السياسية ذات النزعة الشمولية في بلدان العالم الثالث بصفة عامة، والبلدان العربية والإسلامية بصفة خاصة. وما يؤخذ على الدعوة الإصلاحية الغربية، هو نظرتها القائمة على أنَّ إصلاح واقع المجتمعات العربية والإسلامية على المستوى السياسي يرتبط بالتقيد بروح وجوهر المعايير الغربية لقضية الإصلاح السياسي، دونما اعتبار لخصوصية هذه المجتمعات، والظروف الموضوعية والذاتية التي أسهمت في تشكيل واقعها المتخلف سياسياً، الذي يحتاج حسب وجهة نظرها «الرؤية الغربية» لتدخل جراحي بخلفياتها هى لا بخلفيات الآخر المتهم بالتخلف. ومع الإتفاق مع ضرورات التغيير الذي يجب أن يطال نظامنا السياسية بصفته قضية مبدئية، بيد أننا نشترط أن يتم هذا التغيير بأدوات جراحية وطنية تأخذ في اعتبارها تحدي البناء السياسي الذي نحسبه أقرب للتعاطي مع واقعنا السياسي من مصطلح الإصلاح السياسي، لأنَّ الأخير مرتبط ببعض الترميمات اللازم إجراؤها في جسدنا السياسي ، بيد أنَّ الأول يعد أكثر دقةً في اقترابه من المشكل، بحسابات أننا نحتاج لإعادة بناء جذري عميق يتجاوز مجرد الإصلاحات الظاهرية. وإذا ما أسقطنا موضوع تحديات البناء السياسي على الواقع العراقي، نجد أنّ هذا التحدي يعد الأكبر من بين جملة التحديات الماثلة والمتوقعة التي يمكن أن يواجه العراق في قابل الأيام، وذلك على مستويي البناء الهيكلي و البناء الفكري. فعلى المستوى الأول، يشكل موضوع قدرة هياكل الدولة سواء المركزية أو المؤسسات المحلية، على استيعاب مختلف مكونات المجتمع، بامتدادته الثقافية والإثنية والسياسية، أكبر تحدٍ من المنظور الهيكلي المشار إليه. أما على صعيد تحديات البناء السياسي على المستوى الفكري، فهناك جملة قضايا بإمكان حدوثها تعضيد عملية البناء الهيكلي. وأولى هذه القضايا هي قضية ترقية السلوك السياسي، سواء بالنسبة للأحزاب أو الأفراد، وترقية السلوك السياسى نعني بها خلق ذهنية مجتمعية قوامها الديمقراطية والإنفتاح والتواصل مع الآخر، واحترام الرأي الآخر، والتعبيرات المتعددة بصورة تضمن لنا إنتاج سلوك مجتمعي يؤمن بالديمقراطية فعلاً لا قولاً.
والقضية الثانية في اتجاه البناء الفكري المطلوب الذي يعد واحداً من تحديات البناء السياسي، هو ترقية مؤسسات المجتمع المدني من خلال كسر احتكار الدولة لحرية العمل المدني، والعمل على تهيئة المناخ المعافى لهذه المنظمات، لتعمل في إطار عملية بناء وطنى تغلب فيها الأجندة الوطنية على الأجندة الخارجية.
والقضية الثالثة على صعيد البناء الفكرى، تتمثل فى ضرورة التأسيس لفضاء ثقافى يحكم العملية السياسية، يقوم على نبذ التشرذم والانقسام الحزبى الذى لا يقوم على أسس موضوعية، ومعيار الموضوعية هنا هو أن لا تعترف كل التنظيمات السياسية حاكمها ومعارضها بأى تحرك أو موقف لمجموعة لم تمارس هذا الفعل عبر الاحتكام لمؤسسات الحزب وقواعده، بمعنى آخر يجب أن ينبذ السلوك الفردي وأن لا يكون موضع تقدير ومكافأة، تحوطاً لإغراء ضعيفى النفوس الذين لا تهمهم مصلحة أن يظل العراق مستقراً، بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية، لأن الوطن أكبر من المطامع الشخصية. وهذه الأمور المثارة إذا ما أخذت في الاعتبار في إطار عملية البناء السياسي، ستفتح الباب إمام صياغة علاقات تعاقدية جديدة، تؤمن الوحدة الوطنية بشكل معافى..

التعليق

آخر الاخبار