عاجل:
مقالات 2009-10-18 03:00 646 0

الأمام جعفر الصادق ع أمام العلم والعرفان والتقى - الجزء الثالث والأخير

بسم الله الرحمن الرحيم (أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). عن أم سلمة قالت : في بيتي نزلت (أنما يريد

بسم الله الرحمن الرحيم

( أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . )-1
عن أم سلمة قالت : في بيتي نزلت (أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. )فأرسل رسول الله ص ألى علي وفاطمة والحسن والحسين ع فقال : (هؤلاء أهل بيتي . أنا حرب على من حاربهم وسلم لمن سالمهم .)
فقلت : ( وأنا معهم يانبي الله ؟قال : (أنت على مكانك وأنت على خير . )- 2
وعن وائلة بن الأسقع قال :
أتيت عليا فلم أجده فقالت لي فاطمة : أنطلق ألى رسول الله ص يدعوه فجاء مع رسول الله ص فدخلا , ودخلت معهما فدعا رسول الله ص الحسن والحسين كل واحد منهما على فخذه وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ثم قال : ( هؤلاء أهل بيتي , اللهم أهل بيتي أحق .)
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه- 3

وقد أخرج الأمام أحمد بن حنبل رض حديث الكساء وآية التطهير في عدة مواضع من مسنده.
ولكن التحريف والتضليل والتجني على التأريخ الذي بدأ بصورة واسعة في زمن معاوية بن أبي سفيان لغمط الحقائق الناصعة المتعلقة بآل البيت ع كان له أثره في تحريف تلك الحقائق والتي درج عليها البعض ألى يومنا هذا . وهو حديث طويل وذو شجون .
لقد كان الأمام الصادق ع بعلمه الغزير كالبحر المتلاطم الذي لايمكن لأية جهة مهما امتلكت من عوامل الزيف والدجل أن تصادر مياهه . وتوقف تدفقها .ومن البلية حقا أن من يذكر هذه الحقائق يطلق عليه بعض من ركبتهم الأهواء والضلالات في فضائيات العصر بأنه ( رافضي مبتدع !!!) ولم يكتفوا بهذا بل يصدرون الفتاوى لأوباشهم لتحليل سفك دمه . وأخذوا يزيدون من تجنياتهم ويدعون بأن من يذكر فضائل آل البيت ع بأنه ( عميل للفرس . !!!) كما صرح رئيس أكبر دولة عربية بذلك مستغلا أبشع استغلال هذه الحمى الطائفية المقيتة التي تعصف بالأمة الأسلامية وكان الأحرى به أن لايطلق هذه الكذبة الفجة التي ليس لها أصل ألا في عقله وعقل من يتبعه من مرضى العقول والنفوس . فأين تذهبون ؟ وأنى تؤفكون ؟ والله على كل شيئ شهيد ؟ وهذه من أعظم مصائب الأمة الأسلامية اليوم لمن في قلبه ورع أو تقى أو خوف من الله .ورحم الله الأمام الشافعي الذي قال :
ياراكبا قف بالمحصب من منى
واهتف بساكن خيفها والناهض
سحرا أذا فاض الحجيج ألى منى
فيضا كما نظم الفرات الفائض
أن كان رفضا حب آل محمد
فليشهد الثقلان أني رافضي .- 4
وأذا كان الأمام الشافعي رض وهو قامة في العلم والثقافة الأسلامية وصاحب مذهب معروف ولم يكن (عميلا للفرس ) يفتخر برافضيته لأنه أحب أهل البيت ع وأشاد بمآثرهم فيحق لنا أن نحذو حذوه مهما قال المرجفون والمزيفون والمحرفون.
أعود ألى أمامنا العظيم بحر العلم واليقين الأمام جعفر الصادق عليه السلام . .
عن أبن خلكان : ( أبو عبد الله الصادق , أحد الأئمة الأثني عشر على مذهب الأمامية , وكان من سادات أهل البيت ولقب بالصادق لصدقه في مقالته , وفضله أشهر من أن يذكر . )- 5 وله كلام في صنعة الكيمياء وكان تلميذه جابر بن حيان قد ألف كتابا يشتمل على ألف ورقة تتضمن رسائل جعفر الصادق ع وهي خمسمائة رساله . )- 6
وقال الذهبي : جعفر الصادق ع كبير الشأن من أئمة العلم . كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور . ) - 7
وقال أبو جعفر المنصور : أن جعفرا كان ممن قال الله فيه : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا . ) وكان ممن اصطفى الله . وكان من السابقين بالخيرات .) - 8
ويقول أبا حنيفة رض : ( لما أقدمني المنصور الحيرة بعث ألي , فقال ياأبا حنيفه , أن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ! فهيئ له من مسائلك الصعاب .فهيأت له أربعين مسألة . ثم أتيت أبا جعفر , وجعفر جالس عن يمينه , فلما أبصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة مالايدخلني لأبي جعفر – ألى أن قال – فقال لي أبو جعفر : هات من مسائلك . فابتدأت أسأله , فكان يقول في المسألة : أنتم تقولون فيها كذا وكذا . فربما تابعنا . وربما تابع أهل المدينة . وربما خالفنا جميعا . حتى أتيت على أربعين مسألة ماخرم منها مسألة . ثم قال أبو حنيفة النعمان رض ( أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس .)- 9
يقول صائب عبد الحميد في كتابه ( منهج في الأنتماء المذهبي : ( ولو لم تكن السياسة وشهوة السلطان هي التي صنعت هذا فهل ترى أمة محمد ص تجفو أهل بيته الأطهار ع وهي ترى فيهم أعلى الفضل , والشرف , والسيادة , والشجاعة , والعلم , والفقه , والكرم , والحكمة , وكل الفضائل ومكارم الأخلاق , أترى هذا يكون لولا ذاك ؟ أم يقال أن الشيعة قد كذبوا على أئمة أهل البيت ع . أن أغرب ماأراه يتكرر تحت ناظري , وعلى مسامعي هي هذه الدعوى التي ماقيلت ألا لأجل قطع الطريق على الباحث أن يبلغ الحقيقه, وقطع الطريق على الحقائق أن تبلغنا . ) -10
قال الأمام الصادق في تكريم العلم والعلماء : (أذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد , ووضعت الموازين , فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء , فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء . ) - 11
عن أبي الربيع الشامي قال : ( دخلت على أبي عبد الله الصادق ع والبيت غاص بأهله فيه الخراساني والشامي ومن أهل الآفاق فلم أجد موضعا أقعد فيه فجلس أبو عبد الله ع وكان متكئا ثم قال : ( ياشيعة آل محمد أعلموا أنه ليس منا من لم يملك نفسه عند غضبه ومن لم يحسن صحبة من صحبه ومخالقة من خالقه ( والمخالقة : المعاشرة بالأخلاق الحسنة . ) ومرافقة من رافقه ومجاورة من جاوره وممالحة من مالحه , ياشيعة آل محمد أتقوا الله مااستطعتم ولا حول ولا قوة ألا بالله . )
وكان علاء بن الفضيل , عن أبي عبد الله الصادق ع قال : ( كان أبو جعفر ع يقول : عظموا أصحابكم ووقروهم , ولا يتهجم بعضكم على بعض , ولا تضاروا ولا تحاسدوا , وأياكم والبخل , كونوا عباد الله المخلصين الصالحين . )-12 فأين هذا المنهج الأنساني العظيم في محتواه وفحواه من منهج أبن تيمية التكفيري الذي اتبعه خوارج هذا الزمن وحللوا سفك دماء المسلمين بمجرد الأختلاف معهم في بعض القضايا الفقهية . بل أين الثريا من الثرى ؟
وقال عنه مالك بن أنس وهو أحد طلبته ع ( كان رجلا لايخلو من ثلاث خصال أما صائما وأما قائما وأما ذاكرا وقد حججت معه فلما استوت به راحلته عند الأحرام كان كلما هم بالتلبية أنقطع الصوت في حلقه وكاد أن يخر من راحلته فقلت قل ياابن رسول الله ص ولابد لك من أن تقول فقال ع : يابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول :لبيك اللهم لبيك وأخشى أن يقول عز وجل لالبيك ولا سعديك .) وهو على تلك الدرجة العالية من العلم واليقين . وكان يروى عنه أنه يأمر بأعطاء أجور العمال قبل أن يجف عرقهم . وكان ع كلما يتلو قراءة القرآن يغشى عليه فسئل ع عن ذلك مرة فقال : (مازلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت ألى حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها . )
(والأمام الصادق ع له مناظرات كثيرة مع الكثيرين من أهل زمانه في مختلف العلوم الأنسانية ومنها مناظرته ع مع الملحدين ومناظراته مع أباحنيفة النعمان رض في القياس ومناظرته ع مع رؤساء المعتزلة ومناظرته ع مع طبيب هندي ومناظرته ع مع عبد الله بن الفضل الهاشمي ومناظرته ع مع الزنادقة والملاحدة المشككين بقدرة الله تعالى ومناظرته مع أبن أبي العوجاء ومناظرته ع مع أبي حنيفة النعمان رض في حكم التوسل بالنبي ص ومناظرته ع في الحكمة من الغيبة . وغيرها الكثير من المناظرات المهمة والمفيدة جدا . )من ويكيبيديا , الموسوعة الحرة ص 2و 3
وله ع الكثير من الأقوال في العلم والعرفان والورع واليقين والزهد والحكمة والتقوى والمصاحبة والبر والأحسان لايسع المجال لذكرها لسعتها . وكان ع ينبوعا ثرا للكثير من المعارف وكان المنصور الدوانيقي يحمل له في قلبه حقدا دفينا لشدة أقبال الناس عليه ع وكان يعبر عما في دواخله بأن الأمام ع ( هو الشجى المعترض في الحلق ) وكان يحاول أن يهم بقتله مرات عدة فيتراجع وتأخذه الرهبة من الأمام ع فأرسل أليه من يدس له السم وهو عامله في المدينه محمد بن سليمان .
لقد عاصر الأمام جعفر الصادق ع من ملوك بني أمية هشام بن عبد الملك بن مروان ويزيد بن عبد الملك وأبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد الملقب ب ( الحمار ) ومن بني العباس أبو العباس السفاح , وأبو جعفر المنصور الدوانيقي وتوفي في الخامس والعشرين من شهر شوال سنة 148 ه ودفن في البقيع مع أبيه محمد الباقر ع وجده علي بن الحسين ع وعمه الحسن السبط ع وله من العمر خمس وستون سنة وهدم الوهابيون قبره في الثامن من شوال 1344 ه مع بقية أهل البيت في المدينه ورغم ذلك فأن حقدهم قد تعدى الهدم ولم يسمحوا لأحد من الحجيج بالتقرب من آثار قبورهم ع وقد شهدت ذلك بنفسي .وأختتم مقالتي المتواضعة في حق ألأمام الصادق ع بهذين البيتين اللذين قالهما الفرزدق :
من معشر حبهم دين وبغضهم
كفر وقربهم منجى ومعتصم
أن عد أهل التقى كانوا أئمتهم
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
سادتي ياسفن النجاة كما وصفكم جدكم ص ماخاب من تمسك بكم . وأمن من لجأ أليكم . أننا بحبكم نرجو النجاة غدا يوم لاينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب سليم .
فأنتم سادتي الغر الميامين الذين أشرقت بهم الدنيا وأن أمحلت يوما بكم ينزل القطر بأمر الله وستبقون هكذا ألى يوم الفصل وأبتهل ألى الله العلي القدير أن تتقبلوا من خادمكم هذا النزر اليسير الذي يدحض ويواجه الأطنان من أوراق الزيف والدجل والأفتراء على مر العصور.
أشارات :
- 1- الأية 33 من سورة الأحزاب.
- 2-صحيح الترمذي ( كتاب تفسير القرآن )ج5ص351 حديث 3205
- 3-الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين ( كتاب معرفة الصحابه ج3 ص 146
- 4-تفسير الرازي 27: 661
- 5-وفيات الأعيان 1: 327
- 6- نفس المصدر والصفحه
- 7-سير أعلام النبلاء 13: 120
- 8- تأريخ اليعقوبي 2: 383
- 9-سير أعلام النبلاء 6: 275
- 10-منهج في الأنتماء المذهبي لصائب عبد الحميد ص 336.
- 11-الوافي ج1 ص40 عن الكافي.
- 12-الوافي ج2 ص 637 عن الكافي
- 13- من ويكيبديا - الموسوعة الحرة ص 2و3.

التعليق

آخر الاخبار