عاجل:
مقالات 2018-10-28 03:00 583 0

إنه موسم الحسين.. موسم القلوب ووحدة الشعوب..

تمر المواسم على الناس تباعا، ويتهيأ الجميع لها، مواسم مناخية، وأخرى وجدانية، وثالثة، تنفرد بها شعوب دون غيرها، ومواسم شتى ما أنزل الله بها من سلطان

تمر المواسم على الناس تباعا، ويتهيأ الجميع لها، مواسم مناخية، وأخرى وجدانية، وثالثة، تنفرد بها شعوب دون غيرها، ومواسم شتى ما أنزل الله بها من سلطان .
موسم واحد ينفرد بخصوصية مطلقة، وكيفية فريدة، وطقوس فطرية، وأخلاق عقائدية، يشوبه الحزن ويكتنزه السرور، موسم له عند الله شأناً عظيماً، فعندما تحل أيام شهر محرم الحرام- بحسب تعبير الإمام الصادق عليه السلام" أمر الله الملائكة فنشروا قميص جدي الحسين، فتنقبض له قلوب شيعتنا" 
موسم كأنه الحج، موسم كأنه المعراج، موسم كأنه القيامة، أنه موسم تتسابق به القلوب مع الأقدام، والأرواح مع الأبدان، إنه موسم كما الربيع عندما يحل على الأرض؛ فيحيلها بساطاً أخضراً، وعالماً أزهراً، إنه موسم القلوب.
مسيرة مليونية راجلة، تحث الخطى، تطوي الثرى، تتوافد من كل فج عميق، نحو قبلة جعلها الله سبحانه وتعالى، بوتقة تنصهر فيها الألوان والأعراق والأنساب والأجيال، جعلها الله أيقونة تظم في محتوياتها أنفس المعادن البشرية، مسيرة كأنها الخلود في مداه، والفخر في علاه.
السائرون في طريق الحسين؛ هم المعنيون في دعاء الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام " اللهم اغفر لي ولإخواني و زوار قبر أبى الحسين بن على صلوات الله عليهم الذين انفقوا أموالهم و اشخصوا أبدانهم رغبه فى برنا و رجاءً لما عندك فى صلتنا و سرورا ادخلوه على نبيك محمد صلى الله عليه و آله و إجابة منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضوانك فكافهم عنا بالرضوان و إكلاهم بالليل و النهار و اخلف على أهاليهم و أولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف و اصحبهم و إكفهم شر كل جبار عنيد و كل ضعيف من خلقك أو شديد و شر شياطين الإنس و الجن و أعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا على أبنائهم و أهاليهم و قراباتهم ".
قوم أدخلوا سروراً على قلب حبيب الله، لابد أن يدخلوا غيضاً في قلوب أعداء الله، وجنود الشيطان الذي قال مخاطباً الحق سبحانه" لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ"، كان وعداً من الشيطان؛ بأن يزج جنوده في طريق الله المستقيم- كربلاء الحسين- وأن يأمرهم بأن يبثوا الفتن وأن يدعون الناس إلى الظلال.
إجتهد أئمة الكفر والظلال، من الإستكبار العالمي-أمريكا- وبور ة الكفر والنفاق - السعودية- وخلطاء النطف- بقايا نظام صدام وأبناء الرفاق- على أن يثيروا فتنة بين قطبي المحور الشيعي؛ وهما الشعب العراقي وشقيقه الشعب الإيراني، فإنبرت لذلك: منابر إعلامية، وجهات سياسية، وجيوش ألكترونية، ظناً منهم أنهم سوف يحققون وعد الشيطان الذي قطعه على نفسه، متناسين وعد الله سبحانه( قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ).
وفي خضم ذلك، كان الأشقاء في العقيدة، والشركاء في المصير، كما التبر إذا حك بالمحك، وبان معدنهم الأصيل، وطرازهم النبيل، وكانوا كما الذهب المصفى، كلما حك بمحك يزداد لمعاناً، ويشع بريقاً، فأخذ العراقي يدفع لأخيه من إيران تأشيرة الدخول، ويفرش له الأرض وروداً ويملأ له السماء عبيراً، وتكاتف رجال الأمن وعمال النظافة، وتعبيد الطرق، وخدمة الزائرين، من كلا البلدين وكأنهم من بلد واحد، يرددون قصيدة الإخاء، ووحدة المصير( إيران والعراق لا يمكن الفراق).
دُحِرٙ كيد الشيطان ، وكان كيد الشيطان ضعيفاً، وكان صوت الحق عاليا ومدوياً، وتحقق وعد الله وكانت كربلاء، روضة من رياض الجنة، جنة الله في الأرض التي جعلها لعباده المخلصين، الذين داسوا بأقدامهم وهم يولون وجوههم سطر المنحر الحرام، على جباه أئمة الكفر الذين إجتهدوا على أن يطمسوا ملامح عاشوراء الحسين، وأن يشقوا عصى أمة علي بن أبي طالب، وأن يحققوا وعد الشيطان، وكانوا عند وعد الله سبحانه، أن لا سلطان للشيطان وجنوده على المخلصين الذين يردون الفردوس نزلاً، فردوس الدنيا، في روضة كربلاء الحسين.
طريق كربلاء، جنة يسير فيها المنعمون في رياضها، تخدمهم نفوس سمت وتسامت، وقلوب ترفعت وإسقامت، يأكلون حيث شاءوا، ويرقدون متى أرادوا، تتعانق قلوبهم وقد رفع الله ما في قلوبهم من غل إخواناً متحابين، يتقلبون بين أيادي خدام، دأبهم الفخر، وسجيتهم الكرم، وندائهم ( هلا بالزاير) وتحيتهم فيها سلام.

كاظم الخطيب

التعليق