عاجل:
مقالات 2011-06-23 03:00 704 0

إنسحاب القوات الأمريكية مزايدات سياسية ام نوايا صادقة

لا أحد في العراق يرغب بوجود القوات الأجنبية , ولا أحد يريد إلا أن يكون قوياً وقادراً في بلده , كما كان الجميع يرغب أن يكون

 لا أحد في العراق  يرغب بوجود القوات الأجنبية , ولا أحد يريد إلا أن يكون قوياً وقادراً في بلده , كما كان الجميع يرغب أن يكون التغيير عراقياً , إلا أن الواقع لم يكن كذلك, وبين الواقع والتمني مسافة .

 فقد نشأ واقع جديد و معادلة جديدة بعد العام 2003,كما أن هناك عوامل فرضت الواقع. فالعراق المنهك من الحروب التي دمرت بناه التحتية,والشعب المحاصر من قبل النظام والثروات المنهوبة ناهيك عن وقوعة تحت طائلة البند السابع وهي كبيرة من كبائر النظام المقبور, ,والصراع السياسي الداخلي.

  في هذه الأجواء وجد العراقي نفسه بعد العام 2003 مكبلاً بديون وعليه أن يدفع تعويضات لجيرانه العرب وغير العرب  وأن يحل مشاكله الداخلية والخارجية, ولم يستطيع أن يقوم بكل ذلك بمفرده لولا مساعدة المجتمع الدولي, ولا يمكن ان ننسى أن العراق بعد سقوط النظام لم يَعُد يمتلك جيشاً أو اجهزة امنية قادرة على حماية أمنه الخارجي والداخلي , لاسيما وقد ورث مشكلات داخلية  كبيرة مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها في ديالى وغيرها من المناطق, ومشكلات خارجية كمشكلة المياه  مع تركيا وسوريا , و المياه المالحة  وآبار النفط مع إيران, أخيراً بناء ميناء على مياه الخليج من قبل الشقيقة الكويت, بالاضافة الى ما استحدث من المشاكل.                                                                                       

    

 في العراق اليوم وبعد ثمان سنوات على سقوط النظام  يدور  جدل محموم ومزايدات بين الساسة العراقيين حول بقاء القوات الأمريكية من عدمه بعد العام 2011 , صخب يعُم الشارع العراقي وتشحذ له عواطف الجماهير.

تظاهرات وتحذيرات بعودة المليشيات, ونوايا وإرادات لا تعكسها التصريحات العلنية,  كل هذا ولم نسمع أو نرى رأياً متوازناً بخصوص عملية البقاء أو الإنسحاب , ولم يخرج علينا أصحاب الشأن وذوي الإختصاص ليدلوا بدلوهم في هذه المسألة المهمة.

 

 أن حكومات العالم المتحضر تلجأ الى مراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية لتحليل ودراسة أي مشكلة من الممكن تواجه الدولة في الحاضر أو المستقبل لأتخاذ القرار المناسب وبما يضمن مصلحة الدولة ومواطنيها, ولعل الرأي الوحيد الذي خرج من الجهات ذات العلاقة هو رأي الفريق بابكر زيباري رئيس أركان الجيش  , حينما قال : لن يكون بمقدور العراق حماية أجوائه وحدوده لغاية عام 2020، وان انسحاب القوات الأميركية من العراق قبل تلك المدة سيلحق ضرراً بالعراق، وقد أشار السسيد زيباري الى نقطة مهمة, وأم المشاكل التي تهدد وحدة العراق الجغرافية وهي عاصمة النفط العراقي (كركوك)  حينما أستبعد ان تقوم أميركا باخلاء المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد.

 

ولعل النقطة الأهم في تداعيات عملية الإنسحاب هي إستفراد بعض القوى الأقليمية بالعراق, وسيكون البلدعندئذٍ محكوم بقطب واحد يدير دفة سياسته ويملي ما يريد دون أن يكون في حسابه  قوة منافسة, فالتوازن في الساحة العراقية مطلوب وبإلحاح في هذه الفترة.

  

الساسة العراقيون كل ٌ يتكل على الآخر في تحمل المسؤولية التاريخية وكل طرف يريد أن يكون البطل التاريخي الذي يشار له بالتصدي  لهذا القرار الخطير, ولكنه في الوقت ذاته يتخوف لما  ستؤول له الأحداث بعد الإنسحاب في خضم ما ذكرنا من مشاكل , لهذا يلجأون الى الشعارات, ويوكلون الأمر الى الحكومة , وكأن الحكومة هي المسؤولة الوحيدة عن بقاء القوات أو إنسحابها, والحكومة بدورها أرادت أن يوزع الإنسحاب على رؤوس الجميع بالتساوي رمت بالكرة الى ساحة الكتل السياسية, مستندةً على قاعدة ( ليضيَّع دمه بين القبائل ).

 

في خضم هذا الصراع الداخلي والخارجي هل يكون الإنسحاب في صالح العراق؟ وهل من مصلحة العراق أن يكون تحت رحمة القوى الأقليمية ؟ ,وهل الشعارات التي رفعت  كانت عن دراسة عن وضع العراق وتستند الى نوايا صادقة , أم أنها مزايدة سياسية ليس إلا ؟

 

 فالواقع يثبت عكس ذلك تماماً فالساسة العراقيون منقسمون على أنفسهم, ويتبادلون الإتهامات بعدم القدرة على إدارة البلد, والعملية السياسية غير قادرة على تخطي عقبة تعيين الوزراء الأمنيين, والاختراقات الأمنية والعمليات الإرهابية تثبت أن الوضع الأمني هش لا يمكن الاعتماد عليه لمواجهة أي تحدي, وعمليات فرار المطلوبين من السجون, بمساعدة قوى عاملة بالأمن تزيد الوضع سوءاً , وعدم قدرة القضاء على تنفيذ الأحكام بحق المدانيين  , كل هذه الأمور تدلنا على الكارثة الحقيقية التي تنتظر العراق في المستقبل.

 

فللبقاء تداعيات وللإنسحاب تداعيات أيضاً , فعلى أصحاب القرار أن  يكونوا أكثر رويةً في حساباتهم, فالمسألة تتعلق بالوطن وليس بكتلة سياسية أو قومية أو طائفة , وعليهم أن يبتعدوا عن المزايدات , وينظروا الى الواقع والمصلحة في البقاء وعدمه وليس بالتمني نبنى البلدان.

التعليق