عاجل:
مقالات 2014-04-13 03:00 878 0

أكبر قضية منذ الطوفان!

التقى الفرزدق بالإمام الحسين "عليه السلام"، وهو في طريقه الى العراق، راحلاً عن مكة. في هذا اللقاء الذي أتخيله ليس طويلا؛ لأن

التقى الفرزدق بالإمام الحسين "عليه السلام"، وهو في طريقه الى العراق، راحلاً عن مكة. في هذا اللقاء الذي أتخيله ليس طويلا؛ لأن الإمام "عليه السلام" كان في عجلة من أمره؛ قال الفرزدق الشاعر للإمام: إن قلوب الناس معك وسيوفهم عليك ؟!. ومن المؤكد أن ما قاله الفرزدق؛ كان نصيحة محب، سيما وهو شاعر أهل البيت المفوه. بعدها، أو قبلها، نصحه ابن عمه، عبد الله بن عباس؛ طالبا منه العدول عن التوجه الى العراق بعياله، مخاطبا نوازعه الداخلية، من أنه إذا كان ولا بد أن يذهب ويقتل هناك، فلِمَ يأخذ معه عياله نساءً وأطفالاً؟ وكان طرح ابن عباس هذا، خشية تعرض العيال للسبي والإيذاء، فكان الجواب: شاء تعالى أن يراهن سبايا. والحقيقة أن سؤالاً كبيراً ولد آنذاك، مؤداه: لِمَ لَمْ يدع الحسين عياله في مكة؛ وهي الحرم الآمن؟ أو في المدينة؛ وفيها قبر جده صلواته تعالى عليه وعلى آله، وما من أحد هناك، يجرؤ على التعرض للعيال أو مسهم بسوء؟ خصوصا وأن بقية من الصحابة هناك، وسيكونون مانعاً بوجه من يتعرض للعيال. هذا السؤال بقي متفاعلاً الى يومنا هذا، وتردد كثيراً على ألسن الكثيرين وفي كل العصور، وكانت دوافع السؤال متعددة، بتعدد السائلين. بعضهم كان مقصده الخوف على العيال، نابعاً من الحب والحرص على أبن بنت الرسول وعياله عليهم الصلاة والسلام، وبعضهم كان يقصد مجرد الجدل، لكن بعضهم الآخر كان خبيث المقصد، فقد كان يفترض أن الإمام "عليه السلام" ووفقا لافتراضات إلقاء النفس الى التهلكة، ما كان له أن يرحل صوب كربلاء، وهو الذي يعلم أن القوم ـ ويقصد العراقيين ـ غير مخلصين له، وأنهم سينكثون العهد، كما نكثوه مع أبيه، وفقا لافتراضات كاذبة جعلوها مسلمات... وفي هذا الصدد لا بد من التعرّف على الحسين "عليه السلام"، من زاوية أنه كان قضيةً بحد ذاته، وقلما شهدت البشرية أن يكون المرء قضية. الحسين لخّص هدفه وغايته ومبتغاه في قوله (ما خرجت أشرا ولا بطرا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي). وذهابه الى معركة غير متكافئة، يعني معرفته المسبقة أنه ومن معه سيقضون نحبهم؛ لكنه كان يعلم أيضا، إما لتصويبات وتسديدات ألهيه، أو وفقا لتقديرات صائبة منه، وهو السبط المعصوم، أو وفقا لكليهما مجتمعين؛ أن بقاء قضيته حية أبد الدهور، يقتضي أن يخرج من أجلها برحلة، الذي ضم حتى الرضيع حية، ويقتضي أن يقبل بالاستشهاد وبسبي العيال، وكان يعلم أيضا: أن انتصار قضيته التي هي قضية الإسلام برمته، لن يتحقق بالنزول عن نصيحة الناصحين له، بالبقاء في مدينة جده صلواته تعالى عليه وعلى آله. كلام قبل السلام: ماذا كان سيحدث لو بقي عليه السلام في المدينة ؟!. كان يعلم أنه سيؤخذ من ناصيته، وسيذل ومعه الإسلام أبد الدهر. ولذلك بقي الحسين قضيةً ما زالت حية، على الرغم من مرور 1374 عاما، على أكبر حدث شهدته البشرية منذ الطوفان. سلام عليك يا أبا عبد الله...

التعليق