عاجل:
مقالات 2010-11-22 03:00 481 0

أزمة ولاء أم زيادة غباء ؟

سأنقل ما قاله بعض الحكماء عن الوطنية

 سأنقل ما قاله  بعض الحكماء عن الوطنية :"ليست على البوصلة نقاط لمعرفة الطريق إلى الوطنية". قال آخر:"من لا يحب بلاده لا يحب شيئا" , وآخر: "أقبح ما في الحياة ان تدعي الوطنية وتتجاهل بلدك", قال آخر"من أحب وطنه بإخلاص أحب أوطان الناس"

"الوطنية الحقيقية لا تنتمي الى أي طائفة", قال أفلاطون: "لا صلة اقرب من صلة الوطن" .

يبدو ان قسما كبيرا من العرب لا يؤمنون بفكرة المواطنة , موقف العرب هذا جاء نتيجة لحالة اللا استقرار التي توارثوها عن أجدادهم , الذين كانوا وما زال بعضهم يتنقل في الصحارى طلبا للعشب والماء والمرعى , أينما توفر العشب والماء فذلك هو وطنهم  الذي يتقاتلون من اجله , ويرحلون بعد حين إلى وطن آخر بعدما تنضب موارد الوطن الأول !.

أما من عاشوا في حواضر المدن فان بعضهم يتعامل مع الوطن بلغة الصياد والفريسة , بعضهم يتقنون الصيد والتهديف (لوكية) , فهم يعشقون الأوطان حينما يكون صيدها وفيرا وثمينا , وينفرون منها حينما  تجف خيراتها  وتضرب مصالحهم فيها .

يترك اغلبهم الأوطان , أو يبقون فيها دون فعالية تذكر حينما تحتاجهم لبنائها وللدفاع عنها , أو حينما يتطلب الموقف التضحية في سبيلها , كثير منهم يقول حينها مالنا ولوطن لا نملك فيه شبرا وأغلب هؤلاء يملكون الملايين!

وكأن العلاقة بالوطن تقاس على أساس ان الوطن بقرة حلوب نرسلها للذبح حينما يجف ثديها  .

لكن السبب الرئيسي لتعدد الولاءات هو سيادة ثقافة الخنوع  التي اوجد لها الحكام ووعاظهم  مخرجا دينيا (إطاعة أولي الأمر) .

يولد العربي وهو يحمل في جوفه ولاءا مطلقا لأسرته , و(لفخذ عشيرته) أي بطنها , وولاءا مطلقا لعشيرته , ولمنطقة سكناه , ولمحافظته , ولمذهبه , وقوميته , وحزبه ولزعيمه الديني , أو العقائدي , ولحاكم بلده. كل هذه الولاءات تقيد  من حرية الإنسان وتنزع  من يده القرار المناسب ويصبح تابعا ذليلا .

النزر القليل الباقي في جوفنا من الولاء يتركه بعضنا للوطن , (يا رخص الوطن من ينشره وينباع) .آخرون لا يوجد عندهم حتى هذا النزر القليل  من الولاء فنراهم يوالون دولا أجنبية تحت حجج شتى .

تعدد الولاءات ثقافة عربية  بامتياز. من زوايا هذه الثقافة خرجت صيحات رسمية تشكك بولاء الشيعة لأوطانهم حين قالها (حسني) بالفم الملآن , من  أجواء نفس الثقافة خرج مدعّو ثقافة شككوا بولاء المسيحيين لأوطانهم , وشككوا بولاء كل القوميات غير العربية , هذه القوميات التي شاركتنا تاريخنا وعيشنا المشترك لقرون وعقود , أصبح مواطنو تلك القوميات في نظر بعض الإعراب المتأخرون نكرات وولاءهم لأوطانهم الأم , أو لأوطان خارج حدود بلدانهم.

هذه الثقافة لا غيرها هي المسؤولة عن تأخر الشعوب العربية: لأنها تقرب الأمي والمنافق والجاهل على حساب العالم والمتخصص , لأنها تضع حساب الولاء للعشيرة والحزب والحاكم بمقام أعلى من تخصص المواطن ودرجته العلمية , وإخلاصه لوطنه , لهذا السبب تحديدا تفوق الغرب علينا .

لان الولاء في الغرب ينحصر بإخلاص المواطن لعمله ووطنه  دون اعتبارات أخرى.

 مشكلة الولاء في العراق معقدة , جرت العادة على اتهام الشيعة بالولاء لإيران , واتهام السنة بالولاء للسعودية , والأكراد بالولاء لأمريكا , والتركمان بالولاء لتركيا, والمسيحيين بالولاء للغرب .

من تبقى من العراقيين ليس له ولاء خارجي؟ .

إذا أصبحت كل هذه الجموع البشرية عميلة ! .

ان من دمروا الكنائس والمساجد والحسينيات ومن فجروا بطول البلد وعرضه ومن يهددون سلامة وطنهم والأوطان الأخرى شربوا من ثقافة وفكر لايؤمن بأي دين أو مذهب أو عقيدة  غير عقيدتهم (المذهب الوهابي).

أزمة الولاء, يمكن علاجها بعدما ينتزع العرب حرياتهم  من أنظمة قمعية تحكمهم , عندما ينتهي القمع تخف تدريجيا أزمة الولاء , حينها يشعر المواطن العربي بالحرية واستقلالية القرار يكون ارتباطه عميقا بوطنه . 

أزمة الولاء التي نمر بها  تجسمت بوضوح في أزمة تشكيل الحكومة العراقية , حين راهن البعض ولآخر لحظة على ان يكون الحل خارج العراق .

يخطئ من يظن ان هؤلاء يئسوا أو استسلموا , فهم مازالوا يعملون على تعطيل تشكيل الحكومة , يتطلعون ليوم آخر يجدون أنفسهم والفرقاء الآخرين ضيوفا في مملكة طويل العمر لكي يبروا بوعدهم لولي نعمتهم !.

ما الذي أصاب البعض من ساستنا هل هي أزمة ولاء أم زيادة غباء أم طمع ؟

"الوطنية عقيدة والسياسة حرفة"

التعليق